بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ١٥٥
وقال رحمه الله في قوله تعالى: " لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء " هذا في أمر الدين، فأما في أمر الدنيا فلا بأس بمجالستهم ومعاشرتهم لقوله سبحانه: " و صاحبهما في الدنيا معروفا (1) " وروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام أنها نزلت في حاطب بن أبي بلتعة حيث كتب إلى قريش يخبرهم بخبر النبي صلى الله عليه وآله لما أراد فتح مكة، وقال ابن عباس: لما أمر الله سبحانه المؤمنين بالهجرة وأرادوا الهجرة فمنهم من تعلقت به زوجته، ومنهم من تعلق به أبواه وأولاده، فكانوا يمنعونهم من الهجرة فيتركون الهجرة لأجلهم، فبين سبحانه أن أمر الدين مقدم على النسب وإذا وجب قطع قرابة الأبوين فالأجنبي أولى " إن استحبوا الكفر على الايمان " أي اختاروه عليه " ومن يتولهم منكم " فترك طاعة الله لأجلهم وأطلعهم على أسرار المسلمين " فأولئك هم الظالمون " لنفوسهم والباخسون حقها من الثواب " قل " يا محمد لهؤلاء المتخلفين عن الهجرة: " إن كان آباؤكم " إلى قوله: " وعشيرتكم " أي أقاربكم " وأموال اقترفتموها " أي اكتسبتموها " وتجارة تخشون كسادها " أي أن تكسد إذا شغلتم بطاعة الله والجهاد " ومساكن ترضونها " أي يعجبكم المقام فيها " أحب إليكم " أي آثر في نفوسكم " من الله ورسوله " أي من طاعتهما " وجهاد في سبيله فتربصوا " أي انتظروا " حتى يأتي الله بأمره " أي بحكمه فيكم. وقيل: بعقوبتكم إما عاجلا أو آجلا " في مواطن كثيرة " ورد عن الصادقين عليهم السلام أنهم قالوا: إنها كانت ثمانين موطنا (2). " وقاتلوا المشركين كافة " أي قاتلوهم جميعا مؤتلفين غير مختلفين، بأن يكون حالا عن المسلمين، ويجوز أن يكون حالا عن المشركين (3).
وقال رحمه الله في قوله تعالى: " جاهد الكفار " بالسيف والقتال " والمنافقين " باللسان والوعظ والتخويف، أو بإقامة الحدود، وروي في قراءة أهل البيت عليهم السلام

(١) لقمان: ١٥.
(2) مجمع البيان 5: 16 و 17.
(3) مجمع البيان 5: 28.
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست