بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ١٥٤
حيان من العرب بينهما من العداوة مثل ما كان بين هذين الحيين فألف الله قلوبهم حتى صاروا متوادين متحابين ببركة نبينا صلى الله عليه وآله وقيل: أراد كل متحابين في الله " لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم " أي لم يمكنك جمع قلوبهم على الألفة " ولكن الله ألف بينهم " بأن لطف لهم بحسن تدبيره وبالاسلام الذي هداهم إليه " إنه عزيز حيكم " لا يمتنع عليه شئ يريد فعله، ولا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة قال الزجاج: وهذا من الآيات العظام، وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله بعث إلى قوم أنفتهم شديدة، بحيث لو لطم رجل من قبيلة لطمة قاتل عنه قبيلة، فألف الايمان بين قلوبهم حتى قاتل الرجل أباه وأخاه وابنه، فأعلم الله سبحانه أن هذا ما تولاه منهم إلا هو " يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين " أي كافيك الله ويكفيك متبعوك من المؤمنين، وقال الحسن معناه الله حسبك وحسب من اتبعك، أي يكفيك و يكفيهم قال الكلبي نزلت هذه الآية بالبيداء في غزوة بدر قبل القتال " يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال " أي رغبهم فيه " إن يكن منكم عشرون صابرون " على القتال " يغلبوا مائتين " من العدو " وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا " اللفظ خبر والمراد به الامر " بأنهم قوم لا يفقهون " أي ذلك النصر من الله تعالى لكم على الكفار والخذلان للكفار بأنكم تفقهون أمر الله، وتصدقونه فيما وعدكم من الثواب فيدعو كم ذلك إلى الصبر على القتال والجد فيه والكفار لا يفقهون أمر الله ولا يصدقونه، ولما علم الله تعالى أن ذلك يشق عليهم تغيرت المصلحة في ذلك فقال: " الآن خفف الله عنكم " الحكم في الجهاد " وعلم أن فيكم ضعفا " أراد به ضعف البصيرة والعزيمة، ولم يرد ضعف البدن " فإن يكن منكم مائة صابرة " على القتال " يغلبوا مائتين " من العدو " وإن يكن منكم ألف صابرة " يغلبوا ألفين بإذن الله " أي بعلم الله أو بأمره " والله مع الصابرين " أي معونة الله معهم (1).

(1) مجمع البيان 4: 555 - 557.
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»
الفهرست