بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ١٠٩
فلما نزل اجتمع عليه الناس وسألوه أن ينزل عليهم، فوثبت أم أبي أيوب إلى الرحل فحلته فأدخلته منزلها، فلما أكثروا عليه قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أين الرحل، فقالوا: أم أبي أيوب قد أدخلته بيتها، فقال صلى الله عليه وآله: المرء مع رحله، و أخذ أسعد بن زرارة بزمام الناقة فحولها إلى منزله.
وكان أبو أيوب له منزل أسفل وفوق المنزل غرفة، فكره أن يعلو رسول الله فقال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي العلو أحب إليك أم السفل؟ فإني أكره أن أعلو فوقك، فقال صلى الله عليه وآله: السفل أرفق بنا لمن يأتينا، قال أبو أيوب: فكنا في العلو أنا وأمي، فكنت إذا استقيت الدلو أخاف أن يقع منه قطرة على رسول الله صلى الله عليه وآله وكنت أصعد وأمي إلى العلو خفيا من حيث لا يعلم ولا يحس بنا ولا نتكلم إلا خفيا، وكان إذا نام صلى الله عليه وآله لا نتحرك، وربما طبخنا في غرفتنا فنجيف (1) الباب على غرفتنا مخافة أن يصيب رسول الله صلى الله عليه وآله دخان، ولقد سقطت جرة لنا وأهريق الماء فقام أم أبي أيوب إلى قطيفة لم يكن لنا والله غيرها فألقتها على ذلك الماء تستنشف به مخافة أن يسيل على رسول الله صلى الله عليه وآله من ذلك شئ، وكان يحضر رسول الله صلى الله عليه وآله المسلمون من الأوس والخزرج والمهاجرين، وكان أبو أمامة أسعد بن زرارة يبعث إليه في كل يوم غداء وعشاء في قصعة ثريد عليها عراق، فكان يأكل معه من جاء حتى يشبعون، ثم ترد القصعة كما هي، وكان سعد بن عبادة يبعث إليه في كل ليلة عشاء ويتعشى معه من حضره، وترد القصعة كما هي، وكانوا يتناوبون في بعثه الغداء والعشاء إليه: أسعد بن زرارة، وسعد بن خيثمة، والمنذر بن عمرو، وسعد بن الربيع وأسيد بن حضير، قال: فطبخ له أسيد يوما قدرا فلم يجد من يحملها فحملها بنفسه وكان رجلا شريفا من النقباء، فوافاه رسول الله صلى الله عليه وآله وقد رجع من الصلاة، فقال:
حملتها بنفسك؟ قال: نعم يا رسول الله لم أجد أحدا يحملها، فقال: بارك الله عليكم من أهل بيت.
وفي كتاب دلائل النبوة عن أنس بن مالك قال: قدم رسول الله المدينة فلما

(1) أجاف الباب: رده.
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست