بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٨٧
أثوابه، وأقبل به إلى الكعبة، وفي يده الحبل والسكين، فلما رأته أمه فاطمة قالت: يا عبد المطلب ارم ما في يدك حتى يطمئن قلبي، قال: إني قاصد إلى ربي أسأله أن يقبل مني الفداء في ولدي، فإن نفدت أموالي وأموال قومي ركبت جوادي وخرجت إلى كسرى وقيصر (1) وملوك الهند والصين مستطعما " على وجهي حتى أرضى ربي (2)، وأنا أرجو أن يفديه كما فدا أبي إسماعيل من الذبح، وسار إلى الكعبة والناس حوله ينظرون، فقال لهم: (يا معاشر من حضر إياكم أن تعودوا إلي في ولدي كما فعلتم بالأمس، وتحولوا بيني وبين ذبح ولدي)، ثم إنه قدم (3) عشرة من الإبل وأوقفها (4) وتعلق بأستار الكعبة، وقال: (اللهم أمرك نافذ)، ثم أمر صاحب القداح أن يضربها فضربها، فخرج السهم على عبد الله، فقال عبد المطلب: (لربي القضاء)، فزاد على الإبل عشرة، وأمر صاحب القداح أن يضربها، فضربها فخرج السهم على عبد الله، فقال أشراف قريش: لو قدمت غيرك يا عبد المطلب لكان خيرا "، فإنا نخشى أن يكون ربك ساخطا " عليك، فقال لهم: إن كان الامر كما زعمتم فالمسئ أولى بالاعتذار، ثم قال: (اللهم إن كان دعائي عنك قد حجب من كثرة الذنوب فإنك غفار الذنوب، كاشف الكروب، تكرم علي بفضلك وإحسانك) ثم زاد عشرة أخرى من الإبل ورمق بطرفه نحو السماء وقال: (اللهم أنت تعلم السر وأخفى، وأنت بالمنظر الاعلى، اصرف عنا البلاء كما صرفته عن إبراهيم الذي وفى) ثم أمر صاحب القداح أن يضربها فضربها فخرج السهم على

(1) في المصدر: وقيصر الشام، وبطارقة الروم، وملوك الهند.
(2) فيه غرابة: فان الذي تقدم في قول كاهنة أن الفداء لم تجاوز عن المأة، فلو لم تخرج الأزلام بعد ذلك على الإبل بل خرجت على عبد الله فالمتعين قتله فعليه فلا معنى للخروج إلى كسرى وغيره.
(3) في المصدر: يا معاشر الناس انكم تعلمون منزلة الولد، لا يقاس به أحد، لأنها روح خرجت من روح، وما أنتم بأشفق منى على ولدى، وقد كانت منكم بالأمس بي زلة وفعلة منكرة، وأياكم أن تعودوا لمثلها، وتحولون بيني وبين ولدى، فاتركوني أناجي ربى، وأرجوه أن يتكرم على بولدي، فإنه أهل الجود والكرم، ثم إن عبد المطلب قدم.
(4) قد سقط من المصدر من هنا إلى قوله: اتركوني حتى أنفذ حكم ربى.
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»
الفهرست