خصه الله تعالى من الضياء الساطع، فامضي إلى أبيه واخطبيه لابنتنا واعرضيها عليه، فعسى أن يقبلها، فإن قبلها سعدنا سعادة عظيمة، قالت له يا وهب: إن رؤساء مكة و أبطال الحرم وأشراف البطحاء قد رغبوا فيه فأبى عن ذلك، وقد كاتبه ملوك الشام والعراق على ذلك فأبى عليهم، فكيف يتزوج بابنتنا وهي قليلة المال (1)؟ قال لها: إن لي عليهم اليد إنني أخبرتهم (2) بأمر عبد الله مع هذا اليهود، ثم إن برة قامت ولبست أفخر أثوابها وخرجت حتى أتت دار عبد المطلب فوجدته يحدث أولاده بالخبر، فقالت: أنعم الله مساءكم، ودامت نعماءكم، فرد عليها عبد المطلب التحية والاكرام، وقال لها: لقد سلف (3) لبعلك اليوم علينا يد لا نقدر أن نكافيه أبدا "، وله أياد بالغة (4) بذلك، وسنجازيه بما فعل إن شاء الله تعالى، فطمعت برة في كلامه، ثم قال (5): بلغي بعلك عنا التحية والاكرام وقولي له: إن كان له لدينا حاجة تقضى إن شاء الله مهما كانت، فقالت له برة:
يا أبا الحارث قد طلبنا تعجيل المسرة، وقد علمنا أن ملوك الشام والعراق وغيرهم تطاولت إليكم، وقد رغبوا في ولدكم يطلبون أولادكم وأنواركم المضيئة، ونحن أيضا " طمعنا فيمن طمع في ولدكم عبد الله، ورجوناه مثل من رجا (6). وقد رجا وهب أن يكون عبد الله بعلا " لابنتنا، وقد جئناكم طامعين وراغبين في النور الذي في وجه ولدكم عبد الله، ونسألكم أن تقبلونا، فإن كان مالها قليلا " فعلينا ما نجملها به (7) وهي هدية منا لابنك عبد الله، فلما سمع عبد المطلب كلامها نظر إلى ولده وكان قبل ذلك إذا عرض عليه التزويج