قرية من قرى الأردن، وكانوا يقتبسون من علمه، وكان ممن عمر في زمانه (1)، فقصده القوم، فلما وصلوا إليه قال لهم: ما الذي أزعجكم (2)؟ قالوا له: إنا نظرنا في كتبنا فوجدنا صفة هذا الرجل السفاك (3) الذي تقاتل معه الاملاك، وما نلقى عند ظهوره من الأهوال والهلاك (4)، وقد جئناك نشاورك في أمره قبل ظهوره وعلو ذكره، قال: يا قوم إن من أراد إبطال ما أراد الله فهو جاهل مغرور، وإنه لكائن بكم، وهذا الذي ذكرتم قد سبق أمره عند الله، فكيف تقدرون على إبطاله؟ وهو مبطل كهانة الكهان، ومزيل دولة الصلبان (5)، وسيكون له وزير وقريب (6)، فلما سمعوا كلامه خافوا وحاروا، فقام حبر من أحبارهم يقال له: هيوبا بن داحورا (7)، وكان كافرا " متمردا " شديد البأس، فقال لهم: هذا رجل قد كبر وخرف وقل عقله فلا تسمعوا من قوله (8)، ثم قال لهم: أرأيتم الشجرة إذا قطعت من أصلها فهل تعود خضرا "؟ قالوا: لا، قال: فإن قتلتم صاحبكم هذا الذي يخرج من صلبه هذا المولود فما الذي تخافون منه؟ فقوموا هذه الساعة وخذوا معكم تجارة وسيروا إلى البلد الذي هو فيها، يعني مكة، فإذا وصلتم دبرتم الحيلة في هلاكه فتبعوا قوله (9) وقالوا له: أنت سيدنا (10)، قال لهم: افعلوا ما آمركم به، وأنا معكم بسيفي ورمحي، ولكن ما أسير معكم حتى تعاهدوني (11)، فيعمد كل واحد منكم إلى
(٩٢)