بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٤٠٧
ومن ذلك كفالة أبي طالب رسول الله صلى الله عليه وآله، قالوا: لما توفي عبد المطلب قبض أبو طالب رسول الله صلى الله عليه وآله إليه، فكان يكون معه، وكان أبو طالب لامال له وكان يحبه حبا " شديدا " لا يحب ولده كذلك، وكان لا ينام إلا إلى جنبه، ويخرج فيخرج معه، وقد كان يخصه بالطعام، وإذا أكل عيال أبي طالب (1) جميعا " أو فرادى لم يشبعوا، وإذا أكل معهم رسول الله صلى الله عليه وآله شبعوا، فكان إذا أراد أن يغديهم قال: كما أنتم حتى يحضر ابني، فيأتي رسول الله صلى الله عليه وآله فيأكل معهم، وكانوا يفضلون من طعامهم، وإذا لم يكن معهم لم يشبعوا، فيقول أبو طالب: إنك لمبارك، وكان الصبيان يصبحون رمضا " شعثا "، ويصبح رسول الله صلى الله عليه وآله دهينا " كحيلا، (2)، وكان أبو طالب يلقى له وسادة يقعد عليها، فجاء النبي صلى الله عليه وآله فقعد عليها، فقال أبو طالب: وآله ربيعة (3) إن ابن أخي ليحس بنعيم.
وروي عن عمرو بن سعيد أن أبا طالب قال: كنت بذي المجاز ومعي ابن أخي يعني النبي صلى الله عليه وآله، فأدركني العطش فشكوت إليه، فقلت: يا بن أخي قد عطشت، وما قلت له وأنا أرى أن عنده شيئا " إلا " الجزع، قال: فثنى وركه ثم برك، فقال: يا عم أعطشت؟
قال: قلت: نعم، فأهوى بعقبيه إلى الأرض فإذا " بالماء، فقال: اشرب يا عم، فشربت.
ومن ذلك هلاك حاتم الذي يضرب به المثل في الجود والكرم.
ومن ذلك موت كسرى أنوشيروان وولاية ابنه هرمز.
ومما كان في سنة تسع من مولده صلى الله عليه وآله ما روي في بعض الروايات أن أبا طالب خرج برسول الله صلى الله عليه وآله إلى بصرى وهو ابن تسع سنين.
ومما كان سنة عشر من مولده صلى الله عليه وآله الفجار الأول، وهو قتال وقع بعكاظ، وكانت الحرب فيه ثلاثة أيام.

(1) في نسخة الأصل: أبو طالب، والظاهر أنه وهم من الكاتب.
(2) الرمص: ما يجتمع في زوايا العين من وسخ أبيض رطب. والغمص: اليابس منه. وشعث الشعر: كان مغبرا متلبدا فصاحبه أشعث والجمع الشعث. ودهن الرأس: طلاه بزيت أو طيب أو نحوهما فهو دهين. وكحل العين: جعل فيها الكحل. يقال: عين كحيل.
(3) المصدر خلى عن قوله: واله ربيعة.
(٤٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 402 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 ... » »»
الفهرست