بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٤٠٤
قالت: فأصبحت مذعورة قد قف جلدي، ودله عقلي، واقتصصت رؤياي فو الحرمة والحرم إن بقي أبطحي إلا قال: هذا شيبة الحمد، وتتامت عنده قريش، وانقض إليه من كل بطن رجل فشنوا ومسوا واستلموا وطوفوا، ثم ارتقوا أبا قبيس، وطفق القوم يدفون حوله ما إن يدرك سعيهم مهله حتى قروا بذروة الجبل، واستكفوا جنابيه، فقام عبد المطلب فاعتضد ابن ابنه محمدا " فرفعه على عاتقه وهو يومئذ غلام قد أيفع أو كرب، ثم قال: (اللهم ساد الخلة (1)، وكاشف الكربة، أنت عالم غير معلم، مسؤول غير مبخل، وهذه عبداؤك، وإماؤك، بعذرات حرمك يشكون (2) إليك سنتهم التي أذهبت الخف والظلف (3)، فاسمعن اللهم، وأمطرن علينا غيثا " مريعا " مغدقا " (4)) فما راموا البيت حتى انفجرت السماء بماءها، وكظ الوادي بثجيجه، فسمعت شيخان العرب وجلها: عبد الله بن جدعان وحرب بن أمية وشهاب بن المغيرة يقولون لعبد المطلب: هنيئا " لك أبا البطحاء! وفي ذلك قالت رقيقة: (شعر):
بشيبة الحمد أسقى الله بلدتنا * فقد فقدنا الحيا واجلوذ المطر فجاد بالماء جوني له سبل * سحا " فعاشت به الانعام والشجر منا " من الله بالميمون طائره * وخير من بشرت يوما " به مضر مبارك الاسم يستسقى الغمام به * ما في الأنام له عدل ولا خطر قوله: أقحلت من قحل قحولا: إذ يبس. راقدة أي نائمة. مهمومة يقال: هوم أي هز رأسه من النعاس. صيت فيعل من صات يصوت كالميت من مات. والصحل:
الذي في صوته ما يذهب بحدته من بحة وهو مستلذ في السمع. إبان نجومه: وقت

(1) الخلة: الثقبة.
(2) في المصدر: يشتكون.
(3) الخف للبعير والنعام كالحافر لغيرهما وهو بمنزلة القدم للانسان والظلف: هو لما اجتر من الحيوانات كالبقرة والظبي. وهما كناية عن البعير والبقرة وغيرهما، أي يشتكون سنتهم التي أذهبت أباعرهم وأباقرهم وسائر حيواناتهم.
(4) المريع: المخصب الناجع. المغدق فعيل من الغدق: المطر الكبار القطر، يقال: أغدق المطر أي كثر قطره. فهو مغدق.
(٤٠٤)
مفاتيح البحث: الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 ... » »»
الفهرست