بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٣٩٧
وبرك كما يبرك البعير، فاستقبله رسول الله صلى الله عليه وآله بالحديث، فقال: يا أخا بني عامر إن حقيقة قولي وبدؤ شأني أني دعوة إبراهيم عليه السلام، وبشرى أخي عيسى بن مريم عليه السلام و وإني كنت بكر أمي، وإنها حملتني كأثقل ما تحمل النساء حتى جعلت تشتكي إلى صواحباتها ثقل ما تجد، ثم إن أمي رأت في المنام أن الذي في بطنها نور حتى أضاءت له مشارق الأرض ومغاربها، ثم إنها ولدتني، فلما نشأت بغضت إلي الأوثان، وبغض إلي الشعر، وكنت مسترضعا " في بني بكر، فبينا أنا ذات يوم مع أتراب (1) لي من الصبيان في بطن واد وإذا أنا برهط معهم طشت من ذهب ملان ثلجا "، فأخذوني من بين أصحابي، وانطلقوا أصحابي هرابا " حتى إذا انتهوا إلى شفير الوادي أقبلوا على الرهط، فقالوا:
ما رابكم إلى هذا الغلام، فإنه ليس منا، هذا ابن سيد قريش وهو مسترضع فينا من غلام ليس له أب ولا أم، فماذا يرد عليكم قتله، وما تصيبون من ذلك؟ فإن كنتم لابد قاتليه فاختاروا منا أينا شئتم فاقتلوه مكانه، ودعوا هذا الغلام، فلما رأى الصبيان أن القوم لا يحيرون إليهم جوابا " انطلقوا هرابا " مسرعين إلى الحي، يؤذنونهم بي ويستصرخونهم على القوم، فعمد أحدهم فأضجعني على الأرض إضجاعا " لطيفا "، ثم شق ما بين مفرق صدري إلى منتهى عانتي، وأنا أنظر إليه، لا أجد لذلك مسا "، ثم أخرج أحشاء بطني فغسلها بذلك الثلج فأنعم غسلها، ثم أعادها مكانها، ثم قام الثاني منهم فقال لصاحبه: تنح، فنحاه عني، ثم أدخل يده في جوفي فأخرج قلبي فصدعه، فأخرج منه مضغة سوداء فرمى بها، ثم قال بيده: يمنة منه، كأنه تناول شيئا "، فإذا أنا في يده بخاتم نور تحار أبصار الناظرين دونه، فختم به قلبي فامتلاء نورا "، وذلك نور النبوة والحكمة، ثم أعاده إلى مكانه فوجدت برد ذلك الخاتم، ثم قام الثالث منهم فقال لصاحبه: تنح، فنحاه عني و أمر يده ما بين مفرق صدري إلى منتهى عانتي فالتأم ذلك الشق بإذن الله عز وجل، ثم أخذ بيدي فأنهضني من مكاني إنهاضا " لطيفا "، ثم قال للأول الذي شق بطني: زنه بعشرة من أمته، فوزنني بهم فرجحتهم، ثم قال: زنه بمأة من أمته، فوزنني بهم فرجحتهم، ثم قال: زنه بألف من أمته فوزنني بهم فرجحتهم، فقال: دعوه فلو وزنتموه بأمته كلها

(1) أي مع من كان على سنى.
(٣٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 ... » »»
الفهرست