بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٣٩٩
أن هذا قولك ما آتيتك به، فاطلب لنفسك من يقتلك، فإنا غير قاتل هذا الغلام، ثم احتملوني فأدوني إلى أهلي، وأصبحت معرى (1) مما فعل بي، وأصبح أثر الشق ما بين مفرق صدري إلى منتهى عانتي كأنه الشراك، فذاك يا أخا بني عامر حقيقة أمري، وبدؤ نشأتي.
فقال العامري: أشهد بالله الذي لا إله غيره أن أمرك حق، فانبئني عن أشياء أسألك عنها، قال: سل عنك، كلمه بلغة عامر، قال: يا بن عبد المطلب ماذا يزيد في العلم قال: التعلم، قال: فما يزيد في الشر؟ قال: التمادي، قال: هل ينفع البر بعد الفجور؟
قال: نعم التوبة تغسل الحوبة، والحسنات يذهبن السيئات، وإذا ذكر العبد ربه عز وجل في الرخاء أجابه عند البلاء، قال يا بن عبد المطلب: وكيف ذاك؟ قال: لان الله عز وجل يقول: وعزتي وجلالي لا أجمع أبدا " لعبدي أمنين، ولا أجمع عليه أبدا " خوفين، إن هو آمنني في الدنيا خافني يوم أجمع فيه عبادي لميقات يوم معلوم، فيدوم له خوفه، وإن هو خافني في الدنيا آمنني يوم أجمع فيه عبادي في حظيرة القدس، فيدوم له أمنه، ولا أمحقه فيمن أمحق، قال: يا بن عبد المطلب فإلى ما تدعو؟ قال: أدعو إلى عبادة الله عزو جل، وحده لا شريك له، وأن تخلع الأنداد، وتكفر باللات والعزى، وتقر بما جاء به الله (2) عز وجل من كتاب أو رسول، وتصلي الصلوات الخمس بحقائقهن، وتؤدى زكاة مالك يطهرك الله عز وجل، ويطهر لك مالك، وتصوم شهرا " من السنة، وتحج البيت إذا وجدت إليه سبيلا "، وتغتسل من الجنابة، وتؤمن بالموت، وبالبعث بعد الموت، وبالجنة والنار، قال: يا بن عبد المطلب فإذا فعلت ذلك فمالي؟ قال: جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى، قال: يا بن عبد المطلب فهل مع هذا شئ من الدنيا؟ فإنه يعجبني الوطأة في العيش، قال: نعم النصر والتمكين في البلاد، فأجاب وأناب.

(1) هكذا في الأصل ومصدره، وفي تاريخ الطبري: مفزعا.
(2) في المصدر: جاء من الله.
(٣٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 ... » »»
الفهرست