بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٥ - الصفحة ٣٩٨
رجحهم، ثم انكبوا علي فضموني إلى صدورهم فقبلوا رأسي وما بين عيني، ثم قالوا:
يا حبيب لم ترع، إنك لو تدري ما يراد بك من الخير لقرت عينك فبينا نحن كذلك إذا نحن بالحي قد جاؤوا بحذافيرهم، وإذا أمي وهي ظئري أمام الحي تهتف بأعلى صوتها وهي تقول: يا ضعيفاه استضعفت من بين أصحابك فقتلت لضعفك، فانكبوا علي وضموني إلى صدورهم وقبلوا رأسي وما بين عيني وقالوا: حبذا أنت من ضعيف، قالت ظئري:
يا وحيداه، فانكبوا علي وقالوا: حبذا أنت من وحيد، وما أنت بوحيد، إن الله عز وجل معك، والملائكة والمؤمنون من أهل الأرض، ثم قالت ظئري: يا يتيماه، فانكبوا علي و قالوا: حبذا أنت من يتيم، ما أكرمك على الله عز وجل، ولو تدري ما يراد بك من الخير، فلما بصرت بي أمي وهي ظئري قالت: يا بني لا أراك (1) حيا " بعد؟ فجائت فأخذتني وضمتني إلى صدرها، وأجلستني في حجرها، فوالذي نفسي بيده إني لفي حجرها، وإن يدي لفي يد بعضهم: فجعلت أتلفت إليهم فظننت أنهم يبصرونهم، فإذا هم لا يبصرونهم، فيقول بعض القوم: قد أصاب هذا الغلام لمم أو طيف (2) من الجن، فاذهبوا به إلى كاهننا حتى ينظر إليه ويداويه، فقلت: يا هذا ما بي شئ مما تذكرون، إني لأرى نفسي سليمة، وفؤادي صحيحا "، ليس بي قلبة، فقال أبي وهو زوج ظئري: ألا ترون إلى كلامه صحيحا "؟ إني لأرجو أن لا يكون با بني بأس، فأتوا بي كاهنهم فقصوا عليه قصتي، فقال: اسكتوا حتى أسمع من الغلام أمره، فهو أعلم بأمره منكم، فسألني فقصصت عليه أمري من أوله إلى آخره، فوثب إلي وضمني إلى صدره، ثم نادى بأعلى صوته: يا للعرب، مرتين، اقتلوا هذا الغلام واقتلوني معه، فواللات والعزى لئن تركتموه وأدرك ليخالفن أمركم، و ليسفهن عقولكم وعقول آبائكم، وليبدلن دينكم، وليأتينكم بدين لم تسمعوا بمثله، فعمدت ظئري فانتزعتني من حجره وقالت: لانت أعته (3) وأجن من ابني هذا، ولو علمت

(1) في المصدر: ألا أراك.
(2) الطيف خيال الشئ وصورته المترائي له في المنام أو اليقظة، وقال الجزري: أي عرض له عارض منهم.
(3) تقدم قريبا معناه.
(٣٩٨)
مفاتيح البحث: الزوج، الزواج (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 ... » »»
الفهرست