النبي صلى الله عليه وآله: لا يا أخي، قال: اعلم أن هذه الشجرة أنت، والأغصان أهل بيتك، والذي تحتها محبوك ومواليك، فأبشر يا محمد بالنبوة الاثيرة (1)، والرئاسة الخطيرة، ثم إن دردائيل أخرج ميزانا " عظيما " كل كفة منه ما بين السماء والأرض، فأخذ النبي صلى الله عليه وآله ووضعه في كفه، ووضع مأة من أصحابه في كفه فرجح بهم النبي صلى الله عليه وآله، ثم عمد إلى ألف رجل من خواص أمته فوضعهم في الكفة الثانية فرجح بهم النبي صلى الله عليه وآله، ثم عمد إلى أربعة آلاف رجل من أمته فوضعهم في الكفة فرجح بهم النبي صلى الله عليه وآله، ثم عمد إلى نصف أمته فرجح بهم النبي، ثم عمد إلى أمته كلهم الأنبياء والمرسلين ثم الملائكة كلهم أجمعين ثم الجبال والبحار ثم الرمال ثم الأشجار ثم الأمطار ثم جميع ما خلق الله تعالى فوزن بهم النبي صلى الله عليه وآله فلم يعدلوه، ورجح النبي صلى الله عليه وآله بهم، فلهذا قال: خير الخلق محمد صلى الله عليه وآله، لأنه رجح بالخلق أجمعين، وهذا كله يراه بين النوم واليقظة، فقال دردائيل: يا محمد طوبى لك، ثم طوبى لك ولأمتك، وحسن مآب، والويل كل الويل لمن كفر بك ورد عليك حرفا " مما تأتي به من عند ربك، ثم عرج الملائكة إلى السماء (2).
قال الواقدي: فلما طال مكث النبي طلبه في تلك المفاوز إخوته أولاد حليمة، فلم يجدوه فرجعوا إلى حليمة فأعلموها بقصته، فقامت ذاهلة العقل، تصيح في حي بني سعد، فوقعت الصيحة في حي بني سعد أن محمدا " قد افتقد، فقامت حليمة ومزقت أثوابها، وخدشت وجهها، وكشفت شعرها (3) وهي تعدو في البراري والمفاوز والقفار حافية القدم، والشوك يدخل في رجليها، والدم يسيل منهما، وهي تنادي: وا ولداه، وا قرة عيناه، وا ثمرة فؤاداه، ومعها نساء بني سعد يبكين معها، مكشفات الشعور، مخدشات الوجوه، وحليمة