أبا طالب حييت بالرشد (1) والحبا * ووقيت ريب الدهر ما دمت باقيا فإن كان رب العرش يرسل منكم * إلينا رسولا وهو للحق هاديا (2) فنحن لنرجو أحمدا " في زماننا * نجالد عنه بالسيوف الأعاديا (3) أبا طالب فاصرف سطيحا " فإنه * أتى منه آت بالأذى والدواهيا ودع عنك حرب الأهل والطف تكرما * ولا تتركن الدم في الأرض جاريا فرق أبو طالب رحمة " لقريش، وقال: حبا " وكرامة "، سأصرفه عنكم إذا كرهتموه ولكن سوف تعلمون صحة ما ذكر لكم، ثم أمر بسطيح أن يحضر، فلما حضر قال: أتدري لماذا أحضرتك؟ فقال: نعم، لقد سألوني (4) الخروج عن مكانهم (5)، والانتزاح عن بلادهم، وأنا عازم (6)، ثم قال: إذا ظهر فيكم البشير النذير فاقرأوه مني السلام الكثير، وقولوا له: إن سطيحا " أخبرنا بخروجك فكذبناه، ومن جوارك طردناه، وستأتيكم مبشرة عندها من العلم أكثر مما عندي، ولا شك أنها قد دخلت بلادكم، وحلت بساحتكم، ثم إن سطيحا " عزم على الخروج، ورفعوه على بعيره، وأحاط به بنو هاشم ليودعوه، فبينما هم كذلك إذ أشرفت راحلة تركض براكبها، والغبار يطير من تحت أخفافها (7) فنظر إليها عمرو بن عامر وقال: يا سادات مكة أتتكم الداهية الدهياء زرقاء اليمامة بنت مرهل (8)، كاهنة اليمامة، فما استتم كلامه وإذا بها قد صارت في أوساطهم، ونادت بأعلى صوتها:
(٣١٤)