يطوى الثوب، وينشر ويجعل على وضمة (1) كما يجعل اللحم على وضمة القصاب، لا ينام من الليل إلا اليسير، يقلب طرفه إلى السماء، وينظر إلى النجوم الزاهرات، والأفلاك الدائرات، والبروق اللامعات، ويحمل على وضمه إلى الأمصار، ويرفع إلى الملوك في تلك الاعصار (2)، يسألونه عن غوامض الاخبار، وينبئهم بما في قلوبهم من الاسرار، و يخبر بما يحدث في الزمان من العجائب (3)، وهو ملقى على ظهره (4)، شاخص ببصره، لا يتحرك منه غير عينيه ولسانه، وقد لبث دهرا " طويلا على هذه الحالة، فبينا هو كذلك ذات ليلة شاخصا " إلى السماء إذ لاحت له برقة مما يلي مكة ملأت الأقطار (5)، ثم رأى الكواكب قد علا منها النيران، فظهر بها دخان، وتصادم بعضها ببعض، واحد بعد واحد (6).
حتى غابت في الثرى، فلم ير لها نور ولا ضياء (7)، فلما نظر سطيح إلى ذلك دهش وحار وأيقن بالهلاك والدمار، وقال: كواكب تظهر بالنهار، وبرق يلمع (8) بالأنوار، يدل على عجائب وأخبار، وظل يومه ذلك حتى انقضى النهار، فلما أدركه الليل (9) أمر غلمانه أن يحملونه إلى موضع فيه جبل هناك، وكان شامخا " في الجبال (10)، فأمرهم أن يرفعوه عليه، فجعل يقلب طرفه يمينا وشمالا "، فإذا هو بنور ساطع، وضياء لامع، قد علا على الأنوار، وأحاط على الأقطار، وملا الآفاق، فقال لغلمانه: انزلوني فإن