وقيل: بأن يقتلهم " وقلنا من بعده " أي من بعد هلاك فرعون " اسكنوا الأرض " أي أرض مصر والشام " فإذا جاء وعد الآخرة " أي يوم القيامة، أي وعد الكرة الآخرة، وقيل: أراد نزول عيسى " جئنا بكم لفيفا " أي من في القبور إلى الموقف للحساب والجزاء مختلطين، التف بعضكم ببعض لا تتعارفون، ولا ينحاز أحد منكم إلى قبيلته، وقيل: " لفيفا " أي جميعا. (1) " وهل أتاك " هذا ابتداء وإخبار من الله على وجه التحقيق إذ لم يبلغه، فيقول: هل سمعت بخبر فلان؟ وقيل: إنه استفهام تقرير بمعنى الخبر أي وقد أتاك " إذ رأى نارا " قال ابن عباس، كان موسى رجلا غيورا لا يصحب الرفقة لئلا ترى امرأته.
" فلما قضى الأجل " وفارق مدين خرج ومعه غنم له، وكان أهله على أتان وعلى ظهرها جوالق له فيها أثاث البيت فأضل الطريق في ليلة مظلمة سوداء، وتفرقت ماشيته، ولم تنقدح زنده، وامرأته في الطلق، ورأي نارا من بعيد كانت عند الله نورا وعند موسى نارا " فقال " عند ذلك " لأهله " وهي بنت شعيب كان تزوجها بمدين: " امكثوا " أي ألزموا مكانكم " بقبس " أي بشعلة أقتبسها من معظم النار تصطلون بها " أو أجد على النار هدى " أي هاديا يدلني على الطريق، أو علامة أستدل بها عليه، لان النار لا تخلو من أهل لها وناس عندها " فلما أتاها " قال ابن عباس: لما توجه نحو النار فإذا النار (2) في شجرة عناب، فوقف متعجبا من حسن ضوء تلك النار وشدة خضرة تلك الشجرة، فسمع النداء والشجرة " يا موسى إني أنا ربك " قال وهب: نودي من الشجرة:
يا موسى، فأجاب سريعا لا يدري من دعاه فقال: إني أسمع صوتك ولا أرى مكانك، فقال:
أنا فوقك ومعك وأمامك وخلفك وأقرب إليك من نفسك، فعلم أن ذلك لا ينبغي إلا لربه عز وجل وأيقن به، وإنما علم موسى عليه السلام أن هذا النداء من قبل الله سبحانه لمعجز