عنا العذاب، أو بما عهد عندك من النبوة، فالباء للقسم " إلى أجل هم بالغوه " يعني الأجل الذي غرقهم الله فيه " إذا هم ينكثون " أي ينقضون العهد " فانتقمنا منهم " أي فجازيناهم على سوء صنيعهم " في اليم " أي البحر " وكانوا عنها غافلين " أي عن نزول العذاب بهم، أو المعنى أنا عاقبناهم بتكذيبهم وتعرضهم لأسباب الغفلة وعملهم عمل الغافل عنها.
" وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون " يعني بني إسرائيل، فإن القبط كانوا يستضعفونهم، فأورثهم الله بأن مكنهم وحكم لهم بالتصرف بعد إهلاك فرعون وقومه، فكأنهم ورثوا منهم " مشارق الأرض ومغاربها " التي كانوا فيها، يعني جهات الشرق و الغرب منها، يريد به ملك فرعون من أدناه إلى أقصاه، وقيل: هي أرض الشام ومصر، وقيل: هي أرض الشام شرقها وغربها، وقيل: أرض مصر. قال الزجاج: كان من بني إسرائيل داود وسليمان ملكوا الأرض " التي باركنا فيها " بإخراج الزروع والثمار و سائر صنوف النبات والأشجار والعيون والأنهار وضروب المنافع " وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل " أي صح كلام ربك بإنجاز الوعد بإهلاك عدوهم واستخلافهم في الأرض، وقيل: وعد الجنة بما صبروا على أذى فرعون وقومه " ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه " أي أهلكنا ما كانوا يبنون من الأبنية والقصور والديار " وما كانوا يعرشون " من الأشجار والأعناب والثمار، أو يسقفون من القصور والبيوت. (1) " فلما جاءهم الحق من عندنا " أي ما أتى به من المعجزات والبراهين " أتقولون للحق لما جاءكم " أي إنه لسحر، فاستأنف إنكارا وقال: " أسحر هذا ولا يفلح الساحرون " أي لا يظفرون بحجة " لتلفتنا " أي لتصرفنا " وتكون لكما الكبرياء " أي الملك والعظمة والسلطان " في الأرض " أي في أرض مصر، أو الأعم " بكل ساحر " إنما فعل ذلك للجهل بأن ما أتى به موسى عليه السلام من عند الله وليس بسحر، وبعد ذلك علم فعاند، وقيل:
علم أنه ليس سحر ولكنه ظن أن السحر يقاريه مقاربة تشبيه " ويحق الله الحق " أي يظهره ويثبته وينصر أهله " بكلماته " أي بمواعيده، وقيل: بكلامه الذي يتبين به