عليك بما أوليتنا من نعمك " إنك كنت بنا بصيرا " أي بأحوالنا وأمورنا عالما " قد أوتيت سؤلك " قال الصادق عليه السلام: حدثني أبي، عن جدي، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو، فإن موسى بن عمران خرج يقتبس لأهله نارا فكلمه الله تعالى فرجع نبيا، وخرجت ملكة سبأ كافرة فأسلمت مع سليمان، وخرج سحرة فرعون يطلبون العزة لفرعون فرجعوا مؤمنين. (1) " إذ أوحينا إلى أمك " قال البيضاوي: بالالهام، أوفي المنام، أو على لسان نبي في وقتها، أو ملك لا على وجه النبوة، كما أوحى إلى مريم عليه السلام " ما يوحى " مالا يعلم إلا بالوحي، أو مما ينبغي أن يوحى ولا يخل به لفرط الاهتمام به " أن اقذفيه " بأن اقذفيه، أو أي اقذفيه، لان الوحي بمعنى القول، والقذف يقال للالقاء وللوضع " فليلقه اليم بالساحل " لما كان إلقاء البحر إياه إلى الساحل أمرا واجب الحصول لتعلق.
الإرادات (2) به جعل البحر كأنه ذو تميز مطيع أمره بذلك، وأخرج الجواب مخرج الامر، والأولى أن يجعل الضمائر كلها لموسى. (3) " ولتصنع على عيني " قال الطبرسي: أي لتربى ولتقضي (4) بمرأى مني أن يجري أمرك على ما أريد بك من الرفاهية في غذائك، وقيل: لتربى ويطلب لك الرضاع على علم مني ومعرفة لتصل إلى أمك، وقيل: لتربى بحياطتي وحفظي، كما يقال في الدعاء بالحفظ: عين الله عليك " إذ تمشي " ظرف لألقيت أو لتصنع، وذلك أن أم موسى اتخذت تابوتا وجعلت فيه قطنا ووضعته فيه وألقته في النيل، فكان يشرع من النيل نهر كبير في باغ فرعون، فبينا هو جالس على رأس البركة مع امرأته آسية إذا التابوت يجئ على رأس الماء، فأمر بإخراجه فلما فتح رأسه إذا صبي من أحسن الناس وجها، فأحبه فرعون بحيث لم يتمالك، وجعل موسى يبكي ويطلب اللبن، فأمر فرعون حتى أتته النساء اللواتي كن حول داره، فلم يأخذ موسى من لبن واحدة منهن، وكانت أخت موسى واقفة