ذهب القمل بعدما أقام عندهم سبعة أيام من السبت إلى السبت، فنكثوا، فأنزل الله عليهم في السنة الرابعة - وقيل في الشهر الرابع - الضفادع، فكانت تكون في طعامهم وشرابهم و امتلأت منها بيوتهم وأبنيتهم، فلا يكشف أحدهم ثوبا ولا إناء ولا طعاما ولا شرابا إلا وجد فيه الضفادع، وكانت تثب في قدورهم فتفسد عليهم ما فيها، وكان الرجل يجلس إلى ذقنه من الضفادع (1) ويهم أن يتكلم فيثب الضفدع في فيه، ويفتح فاه لاكلته فيسبق الضفدع اكلته إلى فيه، فلقوا منها أذى شديدا، فلما رأوا ذلك بكوا وشكوا إلى موسى وقالوا:
هذه المرة نتوب ولا نعود، فادع الله أن يذهب عنا الضفادع فإنا نؤمن بك ونرسل معك بني إسرائيل، فأخذ عهودهم ومواثيقهم ثم دعا ربه فكشف عنهم الضفادع بعدما أقام عليهم سبعا من السبت إلى السبت، ثم نقضوا العهد وعادوا لكفرهم، فلما كانت السنة الخامسة أرسل الله عليهم الدم فسال ماء النيل عليهم دما، فكان القبطي يراه دما، والإسرائيلي يراه ماء، فإذا شربه الإسرائيلي كان ماء وإذا شربه القبطي يراه دما، وكان القبطي يقول للإسرائيلي: خذ الماء في فيك وصبه في في، فكان إذا صبه في فم القبطي تحول دما، وإن فرعون اعتراه العطش حتى أنه ليضطر إلى مضغ الأشجار الرطبة، فإذا مضغها يصير ماؤها في فيه دما، فمكثوا في ذلك سبعة أيام لا يأكلون إلا الدم ولا يشربون إلا الدم.
قال زيد بن أسلم: الدم الذي سلط عليهم كان الرعاف، فأتوا موسى فقالوا: ادع لنا ربك يكشف عنا هذا الدم فنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل، فلما دفع الله عنهم الدم لم يؤمنوا ولم يخلوا عن بني إسرائيل " ولما وقع عليهم الرجز " أي العذاب وهو ما نزل بهم من الطوفان وغيره، وقيل: هو الطاعون أصابهم فمات من القبط سبعون ألف إنسان، وهو العذاب السادس، عن ابن جبير، ومثله ما روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه أصابهم ثلج أحمر فماتوا فيه وجزعوا.
" قالوا " أي فرعون وقومه: " يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك " أي بما تقدم إليك أن تدعوه به، فإنه يجيبك كما أجابك في آياتك، أو بما عهد إليك أنا لو آمنا لرفع