من يولد منهم، ويعذب الحبالى حتى يضعن ما في بطونهن، وأسرع الموت في مشيخة بني إسرائيل، فدخل رؤوس القبط على فرعون فقالوا له: إن الموت قد وقع في بني إسرائيل وأنت تذبح صغارهم ويموت كبارهم، فيوشك أن يقع العمل علينا، فأمر فرعون أن يذبحوا سنة ويتركوا سنة، فولد هارون في السنة التي لا يذبحون فيها فترك، وولد موسى في السنة التي يذبحون فيها، قالوا: فولدت هارون أمه علانية آمنة، فلما كان العام المقبل حملت بموسى فلما أرادت وضعه حزنت من شأنه واشتد غمها فأوحى الله تعالى إليها وحي إلهام: " أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك و جاعلوه من المرسلين " فلما وضعته في خفية أرضعته، ثم اتخذت له تابوتا، وجعلت مفتاح التابوت من داخل وجعلته فيه.
قال مقاتل: وكان الذي صنع التابوت خربيل (1) مؤمن آل فرعون، وقيل: إنه كان من بردي (2) فاتخذت أم موسى التابوت وجعلت فيه قطنا محلوجا ووضعت فيه موسى و قيرت رأسه وخصاصه، (3) ثم ألقته في النيل، فلما فعلت ذلك وتوارى عنها ابنها أتاها الشيطان لعنه الله ووسوس إليها فقالت في نفسها: ماذا صنعت بابني؟ لو ذبح عندي فواريته وكفنته كان أحب إلي من أن ألقيه بيدي إلى دواب البحر، فعصمها الله تعالى، وانطلق الماء بموسى يرفعه الموج مرة ويخفضه أخرى حتى أدخله بين أشجار عند دار فرعون إلى فرضة (4) وهي مستقى (5) جواري آل فرعون، وكان يشرب منها نهر كبير في دار فرعون و بستانه، فخرجت جواري آسية يغتسلن ويسقين فوجدن التابوت فأخذنه وظنن أن فيه مالا فحملنه كهيئته حتى أدخلنه على آسية (6) فلما فتحته ورأت الغلام فألقى الله تعالى