ملكة لبني إسرائيل منه، وكان يعذبهم ويستعبدهم فجعلهم خدما وخولا، (1) وصنفهم في أعماله: فصنف يبنون، وصنف يحرسون، وصنف يتولون الاعمال القذرة، ومن لم يكن من أهل العمل فعليه الجزية، كما قال الله تعالى: " يسومونكم سوء العذاب " وقد استنكح فرعون منهم امرأة يقال لها آسية بنت مزاحم من خيار النساء المعدودات، ويقال: بل هي آسية بنت مزاحم بن الريات بن الوليد فرعون يوسف الأول فأسلمت على يدي موسى عليه السلام.
قال مقاتل: ولم يسلم من أهل مصر إلا ثلاثة: آسية وخربيل ومريم بنت ناموساء التي دلت موسى على قبر يوسف عليه السلام فعمر فرعون وهم تحت يديه عمرا طويلا يقال:
أربعمائة سنة يسومونهم سوء العذاب. فلما أراد الله تعالى أن يفرج عنهم بعث موسى عليه السلام وكان بدء ذلك على ما ذكره السدي عن رجاله أن فرعون رأى في منامه أن نارا قد أقبلت من بيت المقدس حتى اشتملت على بيوت مصر فأخربتها وأحرقت القبط، وتركت بني إسرائيل، فدعا فرعون السحرة والكهنة والمعبرين والمنجمين وسألهم عن رؤياه، فقالوا:
إنه يولد في بني إسرائيل غلام يسلبك ملكك، ويغلبك على سلطانك، ويخرجك وقومك من أرضك، ويبدل دينك، وقد أظلك زمانه الذي يولد فيه، قال: فأمر فرعون بقتل كل غلام يولد في بني إسرائيل، وجمع القوابل من نساء أهل مملكته فقال لهن: لا يسقطن على أيديكن غلام من بني إسرائيل إلا قتلتنه، ولا جارية إلا تركتنها، ووكل بهن فكن يفعلن ذلك، قال مجاهد: لقد ذكر لي أنه كان يأمر بالقصب فيشق حتى يجعل أمثال الشفار، (2) ثم يصف بعضها إلى بعض ثم يؤتى بالحبالى من بني إسرائيل فيوقعن فتحز أقدامهن (3) حتى أن المرأة منهن لتضع ولدها فيقع بين رجليها، فتظل تطأه تتقي به حد القصب عن رجلها لما بلغ من جهدها، فكان يقتل الغلمان الذين كانوا في وقته، ويقتل