الظلم، (1) فركب فرعون ذات يوم فركب موسى في أثره فأدركه المقيل بأرض بقال لها منف، (2) فدخلها نصف النهار وقد غلقت أسواقها وليس في طرقها أحد، وذلك قوله تعالى: " على حين غفلة من أهلها " فبينا هو يمشي في ناحية المدينة إذا هو برجلين يقتتلان: أحدهما من بني إسرائيل، والآخر من آل فرعون، والذي من شيعته يقال إنه السامري، والذي من عدوه كان خبازا لفرعون واسمه قاثون، (3) وكان اشترى حطبا للمطبخ فسخر السامري ليحمله، فامتنع، فلما مر بهما موسى استغاث به، فقال موسى للقبطي: دعه، فقال الخباز:
إنما آخذه لعمل أبيك، فأبى أن يخلي سبيله، فغضب موسى فبطش وخلص السامري من يده، فنازعه القبطي فوكزه موسى فقتله وهو لا يريد قتله، قالوا: ولما قتل لم يرهما إلا الله تعالى والإسرائيلي، فأصبح في المدينة خائفا يترقب الاخبار، فاتي فرعون فقيل له:
إن بني إسرائيل قد قتلوا رجلا من آل فرعون فخذ لنا بحقنا، فقال: ائتوني بقاتله ومن يشهد عليه، فطلبوا ذلك فبينا هم يطوفون إذ مر موسى من الغد فرأى ذلك الإسرائيلي:
يقاتل فرعونيا، فاستغاثه على الفرعوني، فصادف موسى، وقد ندم على ما كان منه بالأمس، وكره الذي رأى، فغضب موسى فمد يده وهو يريد أن يبطش بالفرعوني: فقال للإسرائيلي " إنك لغوي مبين " ففرع الإسرائيلي من موسى أن يبطش به من أجل أنه أغلط له الكلام، فظن أنه يريد قتله، فقال له: " يا موسى أتريد أن تقتلني " الآية، وإنما قال ذلك مخافة من موسى وظنا أن يكون إياه أراد، وإنما أراد الفرعوني، فتتاركا، وذهب إلى فرعون وأخبره بما سمع من الإسرائيلي، فأرسل فرعون الذباحين وأمرهم بقتل موسى وقال لهم: اطلبوه في بنيات الطريق (4) فإنه غلام لا يهتدي إلى الطريق، فجاءه رجل من أقصى المدينة من شيعته يقال له خربيل (5) وكان على بقية من دين إبراهيم الخليل عليه السلام وكان أول من صدق بموسى وآمن به.