عليه محبة منها فرحمته آسية وأحبته حبا شديدا، فلما سمع الذباحون أمره أقبلوا على آسية بشفارهم ليذبحوا الصبي، فقالت آسية للذباحين: انصرفوا فإن هذا الواحد لا يزيد في بني إسرائيل، فآتي فرعون فأستوهبه إياه فإن وهبه لي كنتم قد أحسنتم، وإن أمر بذبحه لم ألمكم، فأتت به وقالت: " قرة عين لي ولك لا تقتله عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا " فقال فرعون: قرة عين لك، فأما أنا فلا حاجة لي فيه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: والذي يحلف به لو أقر فرعون أن يكون قرة عين كما أقرت به لهداه الله تعالى كما هدى به امرأته ولكن الله تعالى حرمه ذلك.
قالوا: فأراد فرعون أن يذبحه وقال: إني أخاف أن يكون هذا من بني إسرائيل، وأن يكون هذا هو الذي على يديه هلاكنا وزوال ملكنا، فلم تزل آسية تكلمه حتى وهبه لها، فلما أمنت آسية أرادت أن تسميه باسم اقتضاه حاله وهو موشى لأنه وجد بين الماء والشجر و " مو " بلغة القبط الماء و " الشا " (1) الشجر فعرب فقيل موسى.
وروي عن ابن عباس أن بني إسرائيل لما كثروا بمصر استطالوا على الناس وعملوا بالمعاصي، ووافق خيارهم شرارهم، ولم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر، فسلط الله عليهم القبط فاستضعفوهم وساموهم سوء العذاب، وذبحوا أبناءهم، وقال وهب: بلغني أنه ذبح في طلب موسى سبعين ألف وليد.
وعن ابن عباس أن أم موسى لما تقارب ولادتها وكانت قابلة من القوابل مصافية (2) لها، فلما ضربها الطلق أرسلت إليها فأتتها وقبلتها، (3) فلما أن وقع موسى بالأرض هالها نور بين عيني موسى، فارتعش كل مفصل منها ودخل حبه قلبها، ثم قالت لها: يا هذه ما جئت إليك حين دعوتني إلا ومن رأيي قتل مولودك وإخبار فرعون بذلك، ولكن وجدت لابنك هذا حبا ما وجدت مثله قط، فاحفظي فإنه هو عدونا، فلما خرجت القابلة من