فهلبها أي قلعها، فهم فرعون بقتله، فقالت امرأته: غلام حدث لا يدري ما يقول، وقد لطمته بلطمتك إياه، فقال فرعون: بل يدري، فقالت له: ضع بين يديك تمرا وجمرا، فإن ميز بينهما (1) فهو الذي تقول، فوضع بين يديه تمرا وجمرا فقال له: (2) كل، فمد يده إلى التمر فجاء جبرئيل فصرفها إلى الجمر في فيه فاحترق لسانه (3) فصاح وبكى، فقالت آسية لفرعون: ألم أقل لك أنه لا يعقل؟ فعفى عنه.
قال الراوي: فقلت لأبي جعفر عليه السلام: فكم مكث موسى غائبا عن أمه حتى رده الله عليها؟ قال: ثلاثة أيام، فقلت: وكان هارون أخا موسى لأبيه وأمه؟ قال: نعم، أما تسمع الله يقول: " يا بن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي " فقلت: فأيهما كان أكبر سنا؟ قال:
هارون، فقلت: وكان الوحي ينزل عليهما جميعا؟ قال: كان الوحي ينزل على موسى، وموسى يوحيه إلى هارون، فقلت له: أخبرني عن الاحكام والقضاء والأمر والنهي، أكان ذلك إليهما؟ قال: كان موسى الذي يناجي ربه ويكتب العلم، (4) ويقضي بين بني إسرائيل وهارون يخلفه إذا غاب عن قومه للمناجاة، قلت: فأيهما مات قبل صاحبه؟ قال: مات هارون قبل موسى عليه السلام وماتا جميعا في التيه، قلت: وكان لموسى ولد؟ قال: لا، كان الولد لهارون والذرية له.
قال: فلم يزل موسى عند فرعون في أكرم كرامة حتى بلغ مبلغ الرجال، وكان ينكر عليه ما يتكلم به موسى من التوحيد حتى هم به فخرج موسى من عنده ودخل المدينة فإذا رجلان يقتتلان: أحدهما يقول بقول موسى، والآخر يقول؟ قول فرعون، فاستغاثه الذي هو من شيعته، فجاء موسى فوكز صاحبه (5) فقضى عليه وتوارى في المدينة، فلما كان من الغد جاء آخر فتشبث بذلك الرجل الذي يقول بقول موسى، فاستغاث بموسى، فلما