تضع الغنم في تلك السنة إلا بلقا، فلما حال عليه الحول حمل موسى امرأته وزوده شعيب من عنده وساق غنمه، فلما أراد الخروج قال لشعيب: أبغي عصا تكون معي، وكانت عصي الأنبياء عنده قد ورثها مجموعة في بيت، فقال له شعيب: ادخل هذا البيت وخذ عصا من بين تلك العصي، فدخل فوثبت عليه عصا نوح وإبراهيم عليهما السلام وصارت في كفه فأخرجها ونظر إليها شعيب فقال: ردها وخذ غيرها، فردها ليأخذ غيرها فوثبت إليه تلك بعينها فردها حتى فعل ذلك ثلاث مرات، فلما رأى شعيب ذلك قال له: اذهب فقد خصك الله بها، فساق غنمه فخرج يريد مصر، فلما صار في مفازة ومعه أهله أصابهم برد شديد وريح و ظلمة وقد جنهم الليل ونظر موسى إلى نار قد ظهرت كما قال الله: " فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون " فأقبل نحو النار يقتبس فإذا شجرة ونار تلتهب عليها، فلما ذهب نحو النار يقتبس منها أهوت إليه ففزع منها وعدا ورجعت النار إلى الشجرة فالتفت إليها وقد رجعت إلى الشجرة (1) فرجع الثانية ليقتبس فأهوت نحوه فعدا وتركها ثم التفت وقد رجعت إلى الشجرة، فرجع إليها الثالثة فأهوت إليه فعدا ولم يعقب أي لم يرجع، فناداه الله: أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين قال موسى عليه السلام: فما الدليل على ذلك؟ قال الله: ما في يمينك يا موسى؟ قال: هي عصاي قال: ألقها يا موسى، فألقاها فصارت حية ففزع منها موسى وعدا، فناداه الله: خذها ولا تخف إنك من الآمنين، اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء، أي من غير علة، و ذلك أن موسى عليه السلام كان شديد السمرة (2) فأخرج يده من جيبه فأضاءت له الدنيا، فقال الله عز وجل: " فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملائه إنهم كانوا قوما فاسقين " فقال موسى كما حكى الله: " رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون * وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا (3) يصدقني إني أخاف أن يكذبون * قال سنشد
(٣٠)