موسى عليه السلام معها فمشت أمامه فسفقتها الرياح فبان عجزها، فقال لها موسى: تأخري و دليني على الطريق بحصات تلقيها أمامي أتبعها، فأنا من قوم لا ينظرون في أدبار النساء، فلما دخل على شعيب قص عليه قصته فقال له شعيب: " لا تخف نجوت من القوم الظالمين " قالت إحدى بنات شعيب: " يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين " فقال لها شعيب: أما قوته فقد عرفته بسقي الدلو وحده، فبم عرفت أمانته؟ فقالت: إنه قال لي: (1) تأخري عني ودليني على الطريق فأنا من قوم لا ينظرون في أدبار النساء عرفت أنه ليس من القوم الذين ينظرون في أعجاز النساء، فهذه أمانته، فقال له شعيب " إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين " فقال له موسى:
" ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي " أي لا سبيل علي إن عملت عشر سنين أو ثماني سنين، فقال موسى: " الله على ما نقول وكيل ".
قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أي الأجلين قضى؟ قال: أتمهما عشر حجج، قلت له: فدخل بها قبل أن يمضي الأجل أو بعد؟ (2) قال: قبل، قلت: فالرحل يتزوج المرأة ويشترط لأبيها إجارة شهرين (3) يجوز ذلك؟ قال: إن موسى عليه السلام علم أنه يتم له شرطه، فكيف لهذا أن يعلم أنه يبقى حتى يفي؟! قلت له: جعلت فداك أيتهما زوجه شعيب من بناته؟ قال: التي ذهبت إليه فدعته وقالت لأبيها: " يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ".
فلما قضى موسى الأجل قال لشعيب: لابد لي أن أرجع إلى وطني وأمي وأهل بيتي، فمالي عندك؟ فقال شعيب: ما وضعت أغنامي في هذه السنة من غنم بلق فهو لك، فعمد موسى عندما أراد أن يرسل الفحل على الغنم إلى عصاه فقشر منه بعضه وترك بعضه وعزره (4) في وسط مربض الغنم وألقى عليه كساء أبلق، ثم أرسل الفحل على الغنم فلم