بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٣ - الصفحة ٢٤
" وأن ألق عصاك " إنما أعاد سبحانه هذه القصة وكررها في السور تقريرا للحجة على أهل الكتاب واستمالة بهم إلى الحق، ومن أحب شيئا أحب ذكره، والقوم كانوا يدعون محبة موسى عليه السلام، وكل من ادعى اتباع سيده مال إلى ذكره بالفضل، (1) على أن كل موضع من مواضع التكرار لا يخلو من زيادة فائدة " فلما رآها تهتز " أي تتحرك " كأنها جان " من سرعة حركتها أو شدة اهتزازها " ولى مدبرا " موسى " ولم يعقب " أي لم يرجع، فنودي: " يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين " من ضررها " اسلك يدك " أي أدخلها " من غير سوء " أي من غير برص " واضمم إليك جناحك من الرهب " أي ضم يدك إلى صدرك من الخوف فلا خوف عليك، عن ابن عباس ومجاهد، والمعنى أن الله سبحانه أمره أن يضم يده إلى صدره فيذهب ما أصابه من الخوف عند معاينة الحية، وقيل: أمره سبحانه بالعزم على ما أراده منه وحثه على الجد فيه لئلا يمنعه الخوف الذي يغشاه في بعض الأحوال فيما أمره بالمضي فيه، وليس يريد بقوله: " اضمم يدك " الضم المزيل للفرجة بين الشيئين، وقيل: إنه لما ألقى العصا وصارت حية بسط يده كالمتقي وهما جناحاه فقيل له: " اضمم إليك جناحك " أي ما بسطته من يدك لأنك آمن من ضررها، ويجوز أن يكون معناه أسكن ولا تخف فإن من هاله أمر أزعجه حتى كأنه يطيره، وآلة الطيران الجناح، فكأنه عليه السلام قد بلغ نهاية الخوف (2) فقيل له: ضم منشور جناحك من الخوف واسكن، وقيل: معناه: إذا هالك أمر يدك لما تبصر من شعاعها فاضممها إليك لتسكن " فذانك برهانان " أي اليد والعصا حجتان من ربك على نبوتك مرسلا بهما إلى فرعون وملائه.
قوله: " هو أفصح مني لسانا " إنما قال ذلك لعقدة كانت في لسانه " فأرسله معي ردءا " أي معينا لي على تبليغ رسالتك " يصدقني " أي مصدقا لي على ما أؤديه من الرسالة

(1) في المصدر: مال إلى من ذكره بالفضل.
(2) قال السيد الرضى قدس سره: الجناح هنا عبارة عن اليد، وقيل: معنى ذلك أي سكن روعك وخفض جأشك من الرهب الذي أصابك، والرعب الذي داخلك عند انصلاب العصا في هيئة الجان، ولما كان من شأن الخائف القلق والانزعاج والتململ والاضطراب صار ضم الجناح عبارة عن السكون بعد القلق والأمان بعد الغرق.
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 1 نقش خاتم موسى وهارون عليهما السلام وعلل تسميتهما و بعض أحوالهما، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 أحوال موسى عليه السلام من حين ولادته إلى نبوته، وفيه 21 حديثا. 13
4 باب 3 معنى قوله تعالى: (فاخلع نعليك) وقول موسى عليه السلام: (واحلل عقدة من لساني) وأنه لم سمي الجبل طور سيناء، وفيه خمسة أحاديث. 64
5 باب 4 بعثة موسى وهارون عليهما السلام على فرعون، وأحوال فرعون وأصحابه وغرقهم، وما نزل عليهم من العذاب قبل ذلك، وإيمان السحرة وأحوالهم، وفيه 61 حديثا 67
6 باب 5 أحوال مؤمن آل فرعون وامرأة فرعون، وفيه ستة أحاديث 157
7 باب 6 خروج موسى عليه السلام من الماء مع بني إسرائيل وأحوال التيه، وفيه 21 حديثا. 165
8 باب 7 نزول التوراة وسؤال الرؤية وعبادة العجل وما يتعلق بها، وفيه 51 حديثا. 195
9 باب 8 قصة قارون، وفيه خمسة أحاديث. 249
10 باب 9 قصة ذبح البقرة، وفيه سبعة أحاديث. 259
11 باب 10 قصص موسى وخضر عليهما السلام، وفيه 55 حديثا. 278
12 باب 11 ما ناجى به موسى عليه السلام ربه وما أوحي إليه من الحكم والمواعظ وما جرى بينه وبين إبليس لعنه الله وفيه 80 حديثا. 323
13 باب 12 وفاة موسى وهارون عليهما السلام وموضع قبرهما، وبعض أحوال يوشع بن نون عليه السلام، وفيه 22 حديثا. 363
14 باب 13 تمام قصة بلعم بن باعور، وفيه ثلاثة أحاديث. 377
15 باب 14 قصة حزقيل عليه السلام، وفيه تسعة أحاديث. 381
16 باب 15 قصص إسماعيل الذي سماه الله صادق الوعد وبيان أنه غير إسماعيل بن إبراهيم، وفيه سبعة أحاديث. 388
17 باب 16 قصة إلياس وإليا واليسع عليهم السلام، وفيه عشرة أحاديث. 392
18 باب 17 قصص ذي الكفل عليه السلام، وفيه حديثان. 404
19 باب 18 قصص لقمان وحكمه، وفيه 28 حديثا. 408
20 باب 19 قصص إشموئيل عليه السلام وتالوت وجالوت وتابوت السكينة، وفيه 22 حديثا. 435