بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٣ - الصفحة ٢٠٤
" جسدا " أي مجسدا لا روح فيه، وقيل: لحما ودما " له خوار " أي صوت، وفي كيفية خوار العجل مع أنه مصوغ من ذهب خلاف، فقيل: أخذ السامري قبضة من تراب أثر فرس جبرئيل عليه السلام يوم قطع البحر فقذف ذلك التراب في فم العجل فتحول لحما و ودما وكان ذلك معتادا غير خارق للعادة، وجاز أن يفعل الله ذلك بمجرى العادة، وقيل:
إنه احتال بإدخال الريح كما تعمل هذه الآلات التي تصوت بالحيل " إنه لا يكلمهم " بما يجدي عليهم نفعا أو يدفع عنهم ضررا (1) " ولا يهديهم سبيلا " أي لا يهديهم إلى خير ليأتوه، ولا إلى شر ليجتنبوه " اتخذوه " أي إلها. (2) " ولما سقط في أيديهم " (3) قال البيضاوي: أي اشتد ندمهم، فإن النادم المتحسر يعض يده غما فتصير يده مسقوطا فيها " وألقى الألواح " طرحها من شدة الغضب وفرط الزجر حمية للدين. (4) وقال الطبرسي: روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: يرحم الله أخي موسى، ليس المخبر كالمعاين، لقد أخبره الله بفتنة قومه وقد عرفت أن ما أخبره ربه حق، وإنه على ذلك لمتمسك بما في يديه، فرجع إلى قومه ورآهم فغضب وألقى الألواح. " استضعفوني " أي اتخذوني ضعيفا " وكادوا يقتلونني " أي هموا بقتلي " فلا تشمت بي الأعداء " أي لا تسرهم بأن تفعل ما يوهم ظاهره خلاف التعظيم " مع القوم الظالمين " أي مع عبدة العجل ومن جملتهم في إظهار الغضب والموجدة (5) " وذلة في الحياة الدنيا " أي صغر النفس والمهانة،

(1) ويمكن أن يكون المعنى: أو لم يروا أنه لا ينطق كآحاد البشر ولا يتفوه بكلام بل يخرج منه صوت البقر فقط فكيف يكون هذا خالقا وهو أعجز من أضعف المخلوقين؟.
(2) مجمع البيان 4: 48.
(3) أنوار التنزيل 1: 172 و 174.
(3) قال السيد الرضى قدس الله روحه: هذه استعارة ولا شئ على الحقيقة هناك سقط في أيديهم، ويقال: أسقط يديه وسقط في يديه بمعنى واحد، وذلك عندما يصيب الانسان من الابلاس لتروق البلاء وغلبة الأعداء، وربما قيل ذلك للنادم على فعل الشئ إذا وجد غب مضرته ووخيم عاقبته، والمعنى أن الامر المخوف حصل في أيديهم من مجنى ثمرة معاصيهم فوجدوه وجدان من هو في يده إذ كانت أيديهم في مكروهه.
(4) أنوار التنزيل 1: 173 و 174.
(5) الموجدة: الغضب.
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»
الفهرست