يقتلونهم، فلما قتلوا سبعين ألفا تاب الله على الباقين، وجعل قتل الماضين شهادة لهم، وقيل إن السبعين الذين كانوا مع موسى في الطور هم الذين قتلوا ممن عبد العجل سبعين ألفا، وقيل: إنهم قاموا صفين فجعل يطعن بعضهم بعضا حتى قتلوا سبعين ألفا، وقيل: غشيتهم ظلمة شديدة فجعل بعضهم يقتل بعضا ثم انجلت الظلمة فأجلوا عن سبعين ألف قتيل. (1) وروي أن موسى وهارون وقفا يدعوان الله ويتضرعان إليه، وهم يقتل بعضهم بعضا حتى نزل الوحي برفع القتل وقبلت توبة من بقي، وذكر ابن جريح أن السبب في أمرهم بقتل أنفسهم أن الله علم أن ناسا منهم ممن لم يعبدوا العجل لم ينكروا عليهم ذلك مخافة القتل، مع علمهم بأن العجل باطل، فلذلك ابتلاهم الله بأن يقتل بعضهم بعضا " ذلكم خير لكم " إشارة إلى التوبة مع القتل لأنفسهم. (2) " لن نؤمن لك " أي لن نصدقك في أنك نبي " حتى نرى الله جهرة " أي علانية فيخبرنا بذلك، أو لا نصدقك فيما تخبر به من صفات الله تعالى، وقيل: إنه لما جاءهم بالألواح قالوا ذلك، وقيل: إن " جهرة " صفة لخطابهم لموسى، إنهم جهروا به وأعلنوه " فأخذتكم الصاعقة " أي الموت " وأنتم تنظرون " إلى أسباب الموت، وقيل: إلى النار، واستدل البلخي بها على عدم جواز الرؤية على الله تعالى، ويؤكده قوله: " فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة " وتدل هذه الآية على أن قول موسى عليه السلام " رب أرني أنظر إليك " كان سؤالا لقومه، لأنه لا خلاف بين أهل التوراة أن موسى عليه السلام لم يسأل الرؤية إلا دفعة واحدة وهي التي سألها لقومه. " ثم بعثناكم من بعد موتكم " أي أحييناكم لاستكمال آجالكم، وقيل: إنهم سألوا بعد الإفاقة أن يبعثوا أنبياء، فبعثهم الله أنبياء، فالمعنى: بعثناكم أنبياء. (3)
(١٩٩)