فنسي " أي ترك. وقوله: " أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا " يعني لا يتكلم العجل وليس له منطق. وأما قوله: " ولما سقط في أيديهم " يعني لما جاءهم موسى وأحرق العجل (1) " قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين ". قوله: " ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه " إلى قوله: " لغفور رحيم " فإنه محكم، وقوله: " واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي " فإن موسى عليه السلام لما قال لبني إسرائيل: إن الله يكلمني ويناجيني لم يصدقوه، فقال لهم: اختاروا منكم من يجئ معي حتى يسمع كلامه، فاختاروا سبعين رجلا من خيارهم وذهبوا مع موسى إلى الميقات، فدنا موسى وناجى ربه وكلمه الله تبارك وتعالى، فقال موسى لأصحابه: اسمعوا واشهدوا عند بني إسرائيل بذلك، فقالوا له: " لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة " فاسأله أن يظهر لنا، فأنزل الله عليهم صاعقة فاحترقوا وهو قوله: " وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنت تنظرون * ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون " فهذه الآية في سورة البقرة وهي مع هذه الآية في سورة الأعراف، قوله: " واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا " فنصف الآية في سورة البقرة (2) ونصف الآية ههنا، فلما نظر موسى إلى أصحابه قد هلكوا حزن عليهم فقال: " رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا " وذلك أن موسى ظن أن هؤلاء هلكوا بذنوب بني إسرائيل فقال: " إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين * واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا إليك " فقال الله تبارك وتعالى: " عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي
(٢١٥)