وأجمع المفسرون إلا شرذمة يسيرة أن الله تعالى لم يكن أمات موسى عليه السلام كما أمات قومه، ولكن غشي عليه بدلالة قوله تعالى: " فلما أفاق " واستدل بها على جواز الرجعة. (1) " وإذ أخذنا ميثاقكم " باتباع موسى والعمل بالتوراة " ورفعنا فوقكم الطور " قال أبو زيد: هذا حين رجع موسى من الطور فأتى بالألواح فقال لقومه: جئتكم بالألواح، وفيها التوراة والحلال والحرام فاعملوا بها، قالوا: ومن يقبل قولك؟ فأرسل الله الملائكة حتى نتقوا الجبل (2) فوق رؤوسهم، فقال موسى عليه السلام: إن قبلتم ما أتيتكم به وإلا ارسل الجبل عليكم، فأخذوا التوراة وسجدوا لله تعالى ملاحظين إلى الجبل، فمن ثم يسجد اليهود على أحد شقي وجوههم. قيل: وهذا هو معنى أخذ الميثاق لان في هذه الحال قيل لهم: " خذوا ما آتيناكم بقوة " يعني التوراة بجد ويقين، وروى العياشي أنه سئل الصادق عليه السلام عن قول الله تعالى: " خذوا ما آتيناكم بقوة " أبقوة بالأبدان أو بقوة بالقلب؟
فقال: بهما جميعا. " واذكروا ما فيه " الضمير لما آتينا، أي احفظوا ما في التوراة من الحلال والحرام ولا تنسوه، وقيل: اذكروا ما في تركه من العقوبة وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام وقيل: أي اعملوا بما فيه ولا تتركوه " ثم توليتم " أي نقضتم العهد الذي أخذناه عليكم " فلولا فضل الله عليكم " بالتوبة " ورحمته " بالتجاوز. (3) " واسمعوا " أي اقبلوا ما سمعتم واعملوا به، أو استمعوا لتسمعوا " قالوا سمعنا و عصينا " أي قالوا استهزاء: سمعنا قولك، وعصينا أمرك، أو حالهم كحال من قال ذلك. (4) " واشربوا في قلوبهم العجل (5) " قال البيضاوي: أي تداخلهم حبه، ورسخ في قلوبهم صورته لفرط شعفهم به، كما يتداخل الصبغ الثوب، والشراب أعماق البدن " وفي قلوبهم " بيان لمكان الاشراب، كقوله: " إنما يأكلون في بطونهم نارا ".