الروح أيضا من قبيل الأجسام، واللازم منتف لان الأدلة قائمة على وصول الجزاء إلى المستحق.
لا يقال: لعل الله يحفظ الروح والاجزاء الأصلية عن التفرق والانحلال، بل الحكمة تقتضي ذلك ليعلم وصول الحق إلى المستحق لأنا نقول: المقصود إبطال رأي من يقول بفناء الأجساد بجميع الاجزاء بل أجسام العالم بأسرها ثم الايجاد وقد حصل ولو سلم فقد علمت أن العمدة في الحشر هو الأجزاء الأصلية لا الفضلية وقد سلمتم أنها لا تتفرق فضلا عن الانعدام بالكلية، بل الجواب أن المعلوم بالأدلة هو أن الله تعالى يوصل الجزاء إلى المستحق ولا دلالة على أنا نعلم ذلك عند الايصال البتة وكفى بالله عليما. ولو سلم فلعل الله تعالى يخلق علما ضروريا أو طريقا جليا جزئيا أو كليا.
الثاني وهو للمعتزلة أن فعل الحكيم لابد أن يكون لغرض لامتناع العبث عليه ولا يتصور له غرض في الاعدام إذ لا منفعة فيه لاحد لأنها إنما تكون مع الوجود بل الحياة، وليس به أيضا جزاء المستحق كالعذاب والسؤال والحساب ونحو ذلك و هذا ظاهر، ورد بمنع انحصار الغرض في المنفعة والجزاء، فلعل لله في ذلك حكما و مصالح لا يعلمها غيره، على أن في الاخبار بالاعدام لطفا للمكلفين وإظهارا لغاية العظمة والاستغناء والتفرد بالدوام والبقاء، ثم الاعدام تحقيق لذلك وتصديق.
الثالث النصوص الدالة على كون النشور بالاحياء بعد الموت والجمع بعد التفريق كقوله تعالى: " وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى " الآية، (1) وكقوله تعالى: " أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها " - إلى قوله -: " وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما " (2) وكقوله تعالى: " و " كذلك النشور " (3) " وكذلك تخرجون " (4) و " كما بدأكم تعودون " (5) بعد ما ذكر بدء الخلق من الطين وعلى وجه نرى ونشاهد مثل " أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق " (6) " أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف بدء الخلق " وكقوله تعالى: