بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٦ - الصفحة ٣٣٣
يكون المعنى: هو مبدء كل موجود وغاية كل مقصود، أو هو المتوحد في الألوهية، أو في صفات الكمال، كما إذا قيل لك: هذا أول من زارك أو آخرهم؟ فتقول: هو الأول والآخر، وتريد أنه لا زائر سواه، أو هو الأول والآخر بالنسبة إلى كل حي، بمعنى أنه يبقى بعد موت جميع الاحياء، أو هو الأول خلقا والآخر رزقا، كما قال: " خلقكم ثم رزقكم " (1) وبالجملة فليس المراد أنه آخر كل شئ بحسب الزمان للاتفاق علي أبدية الجنة ومن فيها.
الثالث قوله تعالى: " كل شئ هالك إلا وجهه " (2) فإن المراد به الانعدام، لا الخروج عن كونه منتفعا به لان الشئ بعد التفرق يبقى دليلا على الصانع، وذلك من أعظم المنافع. وأجيب بأن المعنى أنه هالك في حد ذاته لكونه ممكنا لا يستحق الوجود إلا بالنظر إلى العلة، أو المراد بالهلاك الموت، أو الخروج عن الانتفاع المقصود به اللائق بحاله كما يقال: هلك الطعام إذا لم يبق صالحا للاكل وإن صلح لمنفعة أخرى، ومعلوم أن ليس مقصود الباري تعالى من كل جوهر الدلالة عليه وإن صلح لذلك كما أن من كتب كتابا ليس بكل كلمة الدلالة على الكاتب، أو المراد الموت كما في قوله تعالى: " إن امرؤ هلك " وقيل: معناه: كل عمل لم يقصد به وجه الله تعالى فهو هالك أي غير مثاب عليه.
الرابع قوله تعالى: " وهو الذي يبدؤ الخلق ثم يعيده (3) كما بدأنا أول خلق نعيده (4) " والبدؤ من العدم فكذا العود، وأيضا إعادة الخلق بعد إبدائه لا يتصور بدون تخلل العدم، وأجيب بأنا لا نسلم أن المراد بإبداء الخلق الايجاد والا خراج عن العدم، بل الجمع والتركيب على ما يشعر به قوله تعالى: " وبدأ خلق الانسان من طين " ولهذا يوصف بكونه مرئيا مشاهدا كقوله تعالى: " أو لم يروا كيف يبدئ الله الخلق " (5) " أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف بدء الخلق " وأما القول بأن الخلق حقيقة في التركيب تمسكا بمثل قوله تعالى: " خلقكم من تراب " (6) أي ركبكم " وتخلقون إفكا " (7) أي تركبونه، فلا يكون حقيقة في الايجاد دفعا للاشتراك فضعيف جدا، لاطباق

(١) الروم: ٤٠. (٢) القصص: ٨٨. (٣) الروم: ٢٧. (٤) الأنبياء: ١٠٤.
(٥) العنكبوت: ١٩. (6) فاطر: 13. (7) العنكبوت: 17.
(٣٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (بقية أبواب العدل) * باب 19 عفو الله تعالى وغفرانه وسعة رحمته ونعمه على العباد، وفيه 17 حديثا. 1
3 باب 20 التوبة وأنواعها وشرائطها، وفيه 78 حديثا. 11
4 باب 21 نفي العبث وما يوجب النقص من الاستهزاء والسخرية والمكر والخديعة عنه تعالى، وتأويل الآيات فيها، وفيه حديثان. 49
5 باب 22 عقاب الكفار والفجار في الدنيا، وفيه تسعة أحاديث. 54
6 باب 23 علل الشرائع والأحكام، الفصل الأول: العلل التي رواها الفضل بن شاذان. 58
7 الفصل الثاني: ما ورد من ذلك برواية ابن سنان. 93
8 الفصل الثالث: في نوادر العلل ومتفرقاتها. 107
9 * أبواب الموت * باب 1 حكمة الموت وحقيقته، وما ينبغي أن يعبر عنه، وفيه خمسة أحاديث 116
10 باب 2 علامات الكبر، وأن ما بين الستين إلى السبعين معترك المنايا، وتفسير أرذل العمر، وفيه تسعة أحاديث. 118
11 باب 3 الطاعون والفرار منه، وفيه عشرة أحاديث. 120
12 باب 4 حب لقاء الله وذم الفرار من الموت، وفيه 46 حديثا. 124
13 باب 5 ملك الموت وأحواله وأعوانه وكيفية نزعه للروح، وفيه 18 حديثا 139
14 باب 6 سكرات الموت وشدائده، وما يلحق المؤمن والكافر عنده، وفيه 52 حديثا. 145
15 باب 7 ما يعاين المؤمن والكافر عند الموت وحضور الأئمة عليهم السلام عند ذلك وعند الدفن وعرض الأعمال عليهم صلوات الله عليهم، وفيه 56 حديثا 173
16 باب 8 أحوال البرزخ والقبر وعذابه وسؤاله وسائر ما يتعلق بذلك، وفيه 128 حديثا. 202
17 باب 9 في جنة الدنيا ونارها، وفيه 18 حديثا. 282
18 باب 10 ما يلحق الرجل بعد موته من الأجر، وفيه خمسة أحاديث. 293
19 * أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 1 أشراط الساعة، وقصة يأجوج ومأجوج، وفيه 32 حديثا. 295
20 باب 2 نفخ الصور وفناء الدنيا وأن كل نفس تذوق الموت، وفيه 16 حديثا 316