بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٦ - الصفحة ٣٣١
يكون بعد فنائها بلا وقت ولا مكان ولا حين ولا زمان، عدمت عند ذلك الآجال والأوقات، وزالت السنون والساعات، فلا شئ إلا الواحد القهار الذي إليه مصير جميع الأمور بلا قدرة منها كان ابتداء خلقها، وبغير امتناع منها كان فناؤها، ولو قدرت على الامتناع لدام بقاؤها لم يتكأده صنع شئ منها إذ صنعه، ولم يؤده منها خلق ما خلقه وبرأه، ولم يكونها لتشديد سلطان، ولا لخوف من زوال ونقصان، ولا للاستعانة بها على ند مكاثر، ولا للاحتراز بها من ضد مثاور، ولا للازدياد بها في ملكه، ولا لمكاثرة شريك في شركه، ولا لوحشة كانت منه فأراد أن يستأنس إليها، ثم هو يفنيها بعد تكوينها لا لسأم دخل عليه في تصريفها وتدبيرها، ولا لراحة واصلة إليه، ولا لثقل شئ منها عليه، لم يمله طول بقائها فيدعوه إلى سرعة إفنائها، لكنه سبحانه دبرها بلطفه وأمسكها بأمره، وأتقنها بقدرته، ثم يعيدها بعد الفناء من غير حاجة منه إليها، ولا استعانة بشئ منها عليها.
أقول: قد مرت الخطبة بتمامها وشرحها في كتاب التوحيد.
تتميم: اعلم أن ظاهر هذا الخبر فناء جميع المخلوقات عند انقضاء العالم كما هو مذهب جماعة من المتكلمين، قال شارح المواقف: قد سبقت في مباحث الجسم إشارة إلى أن الأجسام باقية غير متزايلة على ما يراه النظام، وقابلة للفناء غير دائمة البقاء على ما يراه الفلاسفة قولا بأنها أزلية أبدية، والجاحظ وجمع من الكرامية قولا بأنها أبدية غير أزلية، وتوقف أصحاب أبي الحسين في صحة الفناء، واختلف القائلون بها في أن الفناء بإعدام معدم أو بحدوث ضد أو بانتفاء شرط، أما الأول فذهب القاضي وبعض المعتزلة إلى أن الله تعالى يعدم العالم بلا واسطة فيصير معدوما كما أوجده كذلك فصار موجودا، وذهب أبو الهذيل إلى أنه تعالى يقول له: افن فيفنى، كما قال له: كن فكان، وأما الثاني فذهب جمهور المعتزلة إلى أن فناء الجوهر بحدوث ضد له هو الفناء، فذهب ابن اخشيد إلى أن الفناء وإن لم يكن متحيزا لكنه يكون حاصلا في جهة معينة، فإذا أحدثه الله تعالى فيها عدمت الجواهر بأسرها، وذهب ابن شبيب إلى أن الله تعالى يحدث في كل جوهر فناءا ثم ذلك الفناء يقتضي عدم الجوهر في الزمان الثاني، وذهب أبو علي وأتباعه إلى أنه يخلق بعدد كل جوهر فناءا
(٣٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (بقية أبواب العدل) * باب 19 عفو الله تعالى وغفرانه وسعة رحمته ونعمه على العباد، وفيه 17 حديثا. 1
3 باب 20 التوبة وأنواعها وشرائطها، وفيه 78 حديثا. 11
4 باب 21 نفي العبث وما يوجب النقص من الاستهزاء والسخرية والمكر والخديعة عنه تعالى، وتأويل الآيات فيها، وفيه حديثان. 49
5 باب 22 عقاب الكفار والفجار في الدنيا، وفيه تسعة أحاديث. 54
6 باب 23 علل الشرائع والأحكام، الفصل الأول: العلل التي رواها الفضل بن شاذان. 58
7 الفصل الثاني: ما ورد من ذلك برواية ابن سنان. 93
8 الفصل الثالث: في نوادر العلل ومتفرقاتها. 107
9 * أبواب الموت * باب 1 حكمة الموت وحقيقته، وما ينبغي أن يعبر عنه، وفيه خمسة أحاديث 116
10 باب 2 علامات الكبر، وأن ما بين الستين إلى السبعين معترك المنايا، وتفسير أرذل العمر، وفيه تسعة أحاديث. 118
11 باب 3 الطاعون والفرار منه، وفيه عشرة أحاديث. 120
12 باب 4 حب لقاء الله وذم الفرار من الموت، وفيه 46 حديثا. 124
13 باب 5 ملك الموت وأحواله وأعوانه وكيفية نزعه للروح، وفيه 18 حديثا 139
14 باب 6 سكرات الموت وشدائده، وما يلحق المؤمن والكافر عنده، وفيه 52 حديثا. 145
15 باب 7 ما يعاين المؤمن والكافر عند الموت وحضور الأئمة عليهم السلام عند ذلك وعند الدفن وعرض الأعمال عليهم صلوات الله عليهم، وفيه 56 حديثا 173
16 باب 8 أحوال البرزخ والقبر وعذابه وسؤاله وسائر ما يتعلق بذلك، وفيه 128 حديثا. 202
17 باب 9 في جنة الدنيا ونارها، وفيه 18 حديثا. 282
18 باب 10 ما يلحق الرجل بعد موته من الأجر، وفيه خمسة أحاديث. 293
19 * أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 1 أشراط الساعة، وقصة يأجوج ومأجوج، وفيه 32 حديثا. 295
20 باب 2 نفخ الصور وفناء الدنيا وأن كل نفس تذوق الموت، وفيه 16 حديثا 316