الأمور جارية على مقتضى العدل وذلك قوله: " ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون ".
وفي قوله: " ما لها من فواق " أي لا يكون لتلك الصيحة إفاقة بالرجوع إلى الدنيا، وقيل: معناه: مالها مثنوية أي صرف ورد، وقيل: مالها من فتور كما يفتر المريض.
وفي قوله تعالى: " وما قدروا الله حق قدره " أي ما عظموا الله حق عظمته " والأرض جميعا قبضته يوم القيمة " القبضة في اللغة: ما قبضت عليه بجميع كفك، أخبر الله سبحانه عن كمال قدرته فذكر أن الأرض كلها مع عظمها في مقدوره كالشئ الذي يقبض عليه القابض بكفه فيكون في قبضته، وهذا تفهيم لنا على عادة التخاطب فيما بيننا لأنا نقول: هذا في قبضة فلان وفي يد فلان إذا هان عليه التصرف فيه وإن لم يقبض عليه، وكذا قوله: " والسماوات مطويات بيمينه " أي يطويها بقدرته كما يطوي أحد منا الشئ المقدور له طيه بيمينه، وذكر اليمين للمبالغة في الاقتدار والتحقيق للملك، كما قال تعالى: " أو ما ملكت أيمانكم " وقيل: معناه إنها محفوظات مصونات بقوته، واليمين: القوة " سبحانه وتعالى عما يشركون " أي عما يضيفونه إليه من الشبيه والمثل " ونفخ في الصور " وهو قرن ينفخ فيه إسرافيل، ووجه الحكمة في ذلك أنها علامة جعلها الله ليعلم بها العقلاء آخر أمرهم في دار التكليف فشبه ذلك بما يتعارفونه من بوق الرحيل والنزول " فصعق من في السماوات والأرض " أي يموت من شدة تلك الصيحة التي تخرج من الصور جميع من في السماوات والأرض، يقال: صعق فلان:
إذا مات بحال هائلة شبيهة بالصيحة العظيمة " إلا من شاء الله " قيل: هم جبرئيل و ميكائيل وإسرافيل وملك الموت وهو المروي، وقيل: هم الشهداء " ثم نفخ فيه أخرى " يعني نفخة البعث وهي النفخة الثانية، قال قتادة في حديث رفعه: إن ما بين النفختين أربعين سنة، وقيل: إن الله تعالى يفني الأجسام كلها بعد الصعق وموت الخلق ثم يعيدها " فإذا هم قيام " إخبار عن سرعة إيجادهم لأنه سبحانه إذا نفخ الثانية أعادهم عقيب ذلك، فيقومون من قبورهم أحياءا " ينظرون " أي ينتظرون ما يفعل بهم وما يؤمرون به " وأشرقت الأرض بنور ربها " أي أضاءت الأرض بعدل ربها يوم القيامة لان نور