بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٦ - الصفحة ٢٠٨
ضعف النفس، بل النفس تقوى عند النوم فتشاهد الأحوال وتطلع على المغيبات، فهذا يقوي الظن في أن موت البدن لا يستعقب موت النفس.
الثاني أن كثرة الأفكار سبب لجفاف الدماغ، وجفافه مؤد إلى الموت، وهذه الأفكار سبب لاستكمال النفس بالمعارف الإلهية، وهو غاية كمال النفس، فما هو سبب لكمال النفس فهو سبب لنقصان البدن، فهذا يقوي الظن في أن النفس لا تموت بموت البدن.
الثالث أن أحوال النفس على ضد أحوال البدن، وذلك لان النفس إنما تفرح وتبتهج بالمعارف الإلهية، كما قال تعالى: " ألا بذكر الله تطمئن القلوب " (1) وقال صلى الله عليه وآله: أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني. ولا شك أن ذلك الشراب ليس إلا عبارة عن المعرفة والمحبة والاستنارة بأنوار عالم الغيب، وأيضا فإنا نرى أن الانسان إذا غلب عليه الاستبشار بخدمة سلطان أو الفوز بمنصب أو بالوصول إلى معشوق قد ينسى الطعام والشراب، وبالجملة فالسعادات النفسانية كالمضادات للسعادات الجسمانية، وكل ذلك يغلب على الظن أن النفس مستقلة بذاتها ولا تعلق لها بالبدن ومتى كان كذلك وجب أن لا تموت النفس بموت البدن وأما قوله تعالى: " يرزقون " فاعلم أن المتكلمين قالوا: الثواب منفعة خالصة، دائمة، مقرونة بالتعظيم، فقوله:
" يرزقون " إشارة إلى المنفعة، وقوله: " فرحين " إشارة إلى الفرح الحاصل بسبب ذلك التعظيم، وأما الحكماء فإنهم قالوا: إذا أشرقت جواهر الأرواح القدسية بالأنوار الإلهية كانت مبتهجة من وجهين: أحدهما بكون ذواتها مستنيرة، مشرقة، متلألئة بتلك المعارف الإلهية، والثاني بكونها ناظرة إلى ينبوع النور ومصدر الرحمة والجلالة، قالوا: وابتهاجها بهذا القسم أتم من ابتهاجها بالأول، فقوله:
" يرزقون " إشارة إلى الدرجة الأولى، وقوله: " فرحين " إلى الدرجة الثانية، ولذا قال: " فرحين بما آتيهم الله من فضله " يعني فرحهم ليس بالرزق، بل بإيتاء الرزق، لان المشغول بالرزق مشغول بنفسه، والناظر إلى إيتاء الرزق مشغول بالرازق، ومن طلب الرزق لغيره فهو محجوب. انتهى.

(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (بقية أبواب العدل) * باب 19 عفو الله تعالى وغفرانه وسعة رحمته ونعمه على العباد، وفيه 17 حديثا. 1
3 باب 20 التوبة وأنواعها وشرائطها، وفيه 78 حديثا. 11
4 باب 21 نفي العبث وما يوجب النقص من الاستهزاء والسخرية والمكر والخديعة عنه تعالى، وتأويل الآيات فيها، وفيه حديثان. 49
5 باب 22 عقاب الكفار والفجار في الدنيا، وفيه تسعة أحاديث. 54
6 باب 23 علل الشرائع والأحكام، الفصل الأول: العلل التي رواها الفضل بن شاذان. 58
7 الفصل الثاني: ما ورد من ذلك برواية ابن سنان. 93
8 الفصل الثالث: في نوادر العلل ومتفرقاتها. 107
9 * أبواب الموت * باب 1 حكمة الموت وحقيقته، وما ينبغي أن يعبر عنه، وفيه خمسة أحاديث 116
10 باب 2 علامات الكبر، وأن ما بين الستين إلى السبعين معترك المنايا، وتفسير أرذل العمر، وفيه تسعة أحاديث. 118
11 باب 3 الطاعون والفرار منه، وفيه عشرة أحاديث. 120
12 باب 4 حب لقاء الله وذم الفرار من الموت، وفيه 46 حديثا. 124
13 باب 5 ملك الموت وأحواله وأعوانه وكيفية نزعه للروح، وفيه 18 حديثا 139
14 باب 6 سكرات الموت وشدائده، وما يلحق المؤمن والكافر عنده، وفيه 52 حديثا. 145
15 باب 7 ما يعاين المؤمن والكافر عند الموت وحضور الأئمة عليهم السلام عند ذلك وعند الدفن وعرض الأعمال عليهم صلوات الله عليهم، وفيه 56 حديثا 173
16 باب 8 أحوال البرزخ والقبر وعذابه وسؤاله وسائر ما يتعلق بذلك، وفيه 128 حديثا. 202
17 باب 9 في جنة الدنيا ونارها، وفيه 18 حديثا. 282
18 باب 10 ما يلحق الرجل بعد موته من الأجر، وفيه خمسة أحاديث. 293
19 * أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 1 أشراط الساعة، وقصة يأجوج ومأجوج، وفيه 32 حديثا. 295
20 باب 2 نفخ الصور وفناء الدنيا وأن كل نفس تذوق الموت، وفيه 16 حديثا 316