بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٦ - الصفحة ٢٠٣
تفسير: قال الطبرسي رحمه الله: قوله تعالى: " بل أحياء " فيه أقوال: أحدها - وهو الصحيح - أنهم أحياء على الحقيقة إلى أن تقوم الساعة، وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة، وإليه ذهب الحسن وعمرو بن عبيد وواصل بن عطاء، واختاره الجبائي الرماني وجميع المفسرين.
الثاني: أن المشركين كانوا يقولون: أصحاب محمد يقتلون نفوسهم في الحروب بغير سبب، ثم يموتون فيذهبون، فأعلمهم الله أنه ليس الامر على ما قالوه وأنهم سيحيون يوم القيامة ويثابون، عن البلخي، ولم يذكر ذلك غيره.
والثالث: معناه: لا تقولوا: هم أموات في الدين بل هم أحياء بالطاعة والهدى، ومثله قوله سبحانه: " أو من كان ميتا فأحييناه " فجعل الضلال موتا والهداية حياة، عن الأصم.
والرابع: أن المراد أنهم أحياء لما نالوا من جميل الذكر والثناء، كما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام من قوله: هلك خزان الأموال والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وآثارهم في القلوب موجودة. والمعتمد هو القول الأول لان عليه إجماع المفسرين، ولان الخطاب للمؤمنين وكانوا يعلمون أن الشهداء على الحق والهدى و أنهم ينشرون ويحيون يوم القيامة، فلا يجوز أن يقال لهم: " ولكن لا تشعرون " من حيث إنهم كانوا يشعرون بذلك ويقرون به، ولان حمله على ذلك يبطل فائدة تخصيصهم بالذكر، ولو كانوا أيضا أحياءا بما حصل لهم من جميل الثناء لما قيل أيضا: " ولكن لا تشعرون " لأنهم كانوا يشعرون بذلك، ووجه تخصيص الشهداء بكونهم أحياءا - وإن كان غيرهم من المؤمنين قد يكونون أحياءا في البرزخ - أنه على جهة البشارة بذكر حالهم ثم البيان لما يختصون به من أنهم يرزقون كما في الآية الأخرى، فإن قيل:
فنحن نرى جثث الشهداء مطروحة على الأرض لا يتصرف ولا يرى فيها شئ من علامات الاحياء! فالجواب - على مذهب من يقول بأن الانسان هو الروح من أصحابنا - أن الله تعالى جعل لهم أجساما كأجسامهم في دار الدنيا يتنعمون فيها دون أجسامهم التي في القبور فإن النعيم والعذاب إنما يصل عنده إلى النفس التي هي الانسان المكلف عنده، دون الجثة ويؤيده كثير من الاخبار.
وأما على مذهب من قال من أصحابنا إن الانسان هذه الجثة المشاهدة وأن الروح
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (بقية أبواب العدل) * باب 19 عفو الله تعالى وغفرانه وسعة رحمته ونعمه على العباد، وفيه 17 حديثا. 1
3 باب 20 التوبة وأنواعها وشرائطها، وفيه 78 حديثا. 11
4 باب 21 نفي العبث وما يوجب النقص من الاستهزاء والسخرية والمكر والخديعة عنه تعالى، وتأويل الآيات فيها، وفيه حديثان. 49
5 باب 22 عقاب الكفار والفجار في الدنيا، وفيه تسعة أحاديث. 54
6 باب 23 علل الشرائع والأحكام، الفصل الأول: العلل التي رواها الفضل بن شاذان. 58
7 الفصل الثاني: ما ورد من ذلك برواية ابن سنان. 93
8 الفصل الثالث: في نوادر العلل ومتفرقاتها. 107
9 * أبواب الموت * باب 1 حكمة الموت وحقيقته، وما ينبغي أن يعبر عنه، وفيه خمسة أحاديث 116
10 باب 2 علامات الكبر، وأن ما بين الستين إلى السبعين معترك المنايا، وتفسير أرذل العمر، وفيه تسعة أحاديث. 118
11 باب 3 الطاعون والفرار منه، وفيه عشرة أحاديث. 120
12 باب 4 حب لقاء الله وذم الفرار من الموت، وفيه 46 حديثا. 124
13 باب 5 ملك الموت وأحواله وأعوانه وكيفية نزعه للروح، وفيه 18 حديثا 139
14 باب 6 سكرات الموت وشدائده، وما يلحق المؤمن والكافر عنده، وفيه 52 حديثا. 145
15 باب 7 ما يعاين المؤمن والكافر عند الموت وحضور الأئمة عليهم السلام عند ذلك وعند الدفن وعرض الأعمال عليهم صلوات الله عليهم، وفيه 56 حديثا 173
16 باب 8 أحوال البرزخ والقبر وعذابه وسؤاله وسائر ما يتعلق بذلك، وفيه 128 حديثا. 202
17 باب 9 في جنة الدنيا ونارها، وفيه 18 حديثا. 282
18 باب 10 ما يلحق الرجل بعد موته من الأجر، وفيه خمسة أحاديث. 293
19 * أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 1 أشراط الساعة، وقصة يأجوج ومأجوج، وفيه 32 حديثا. 295
20 باب 2 نفخ الصور وفناء الدنيا وأن كل نفس تذوق الموت، وفيه 16 حديثا 316