بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٦ - الصفحة ٢٠٦
الثاني أني أكون عالما بأني " أنا " حال ما أكون غافلا عن هذه الأعضاء الظاهرة فما دل عليه قولنا: " أنا " مغاير لهذه الأعضاء والابعاض، ثم اختلفوا عند ذلك في أن الذي يشير إليه كل أحد بقوله: " أنا " أي شئ هو؟ والأقوال فيها كثيرة، إلا أن أشدها تحصيلا وجهان: أحدهما: أنها أجزاء جسمانية سارية في هذا الهيكل سريان النار في الفحم، والدهن في السمسم، وماء الورد في الورد، والقائلون بهذا القول فريقان: أحدهما الذين اعتقدوا تماثل الأجسام فقالوا: إن تلك الأجسام متماثلة لسائر الاجزاء التي منها يؤلف هذا الهيكل، إلا أن القادر المختار سبحانه يبقي بعض الاجزاء من أول العمر إلى آخره فتلك الأجزاء هي التي يشير إليها كل أحد بأنا، ثم إن تلك الأجزاء حية بحياة يخلقها الله فيها، فإذا أزال الحياة عنها ماتت، وهذا قول أكثر المتكلمين.
وثانيهما: أن الذين اعتقدوا اختلاف الأجسام زعموا أن الأجسام التي هي باقية من أول العمر إلى آخره أجسام مخالفة بالماهية للأجسام التي منها ائتلف هذا الهيكل وتلك الأجسام حية لذاتها، مدركة لذاتها، نورانية لذاتها، فإذا خالطت هذا البدن وصارت سارية في هذا الهيكل سريان النار في الفحم صار هذا الهيكل مستنيرا بنور ذلك الروح، متحركا بتحريكه، ثم إن هذا الهيكل أبدا في الذوبان والتحليل إلا أن تلك الأجزاء باقية بحالها، وإنما لا يعرض لها التحليل لأنها مخالفة بالماهية لهذه الأجسام، فإذا فسد هذا القالب انفصلت تلك الأجسام اللطيفة النورانية إلى عالم السماوات والقدس والطهارة إن كانت من جملة السعداء، أو إلى الجحيم وعالم الآفات إن كانت من جملة الأشقياء.
والقول الثاني: إن الذي يشير إليه كل أحد بقوله: " أنا " موجود ليس بمتحيز ولا قائم بالمتحيز، وإنه ليس داخل العالم ولا خارجا عنه، ولا يلزم من كونه كذلك أن يكون مثلا لله تعالى لان الاشتراك في السلوب لا يوجب الاشتراك في الماهية، و قالوا: هذه الأرواح بعد مفارقة الأبدان تتألم وتلتذ إلى أن يردها الله تعالى إلى الأبدان يوم القيامة، فهناك يحصل الالتذاذ والتألم للأبدان، فهذا قول قال به عالم من الناس، قالوا: وإن لم يقم عليه برهان قاهر على القول به ولكن لم يقم دليل على
(٢٠٦)
مفاتيح البحث: يوم القيامة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (بقية أبواب العدل) * باب 19 عفو الله تعالى وغفرانه وسعة رحمته ونعمه على العباد، وفيه 17 حديثا. 1
3 باب 20 التوبة وأنواعها وشرائطها، وفيه 78 حديثا. 11
4 باب 21 نفي العبث وما يوجب النقص من الاستهزاء والسخرية والمكر والخديعة عنه تعالى، وتأويل الآيات فيها، وفيه حديثان. 49
5 باب 22 عقاب الكفار والفجار في الدنيا، وفيه تسعة أحاديث. 54
6 باب 23 علل الشرائع والأحكام، الفصل الأول: العلل التي رواها الفضل بن شاذان. 58
7 الفصل الثاني: ما ورد من ذلك برواية ابن سنان. 93
8 الفصل الثالث: في نوادر العلل ومتفرقاتها. 107
9 * أبواب الموت * باب 1 حكمة الموت وحقيقته، وما ينبغي أن يعبر عنه، وفيه خمسة أحاديث 116
10 باب 2 علامات الكبر، وأن ما بين الستين إلى السبعين معترك المنايا، وتفسير أرذل العمر، وفيه تسعة أحاديث. 118
11 باب 3 الطاعون والفرار منه، وفيه عشرة أحاديث. 120
12 باب 4 حب لقاء الله وذم الفرار من الموت، وفيه 46 حديثا. 124
13 باب 5 ملك الموت وأحواله وأعوانه وكيفية نزعه للروح، وفيه 18 حديثا 139
14 باب 6 سكرات الموت وشدائده، وما يلحق المؤمن والكافر عنده، وفيه 52 حديثا. 145
15 باب 7 ما يعاين المؤمن والكافر عند الموت وحضور الأئمة عليهم السلام عند ذلك وعند الدفن وعرض الأعمال عليهم صلوات الله عليهم، وفيه 56 حديثا 173
16 باب 8 أحوال البرزخ والقبر وعذابه وسؤاله وسائر ما يتعلق بذلك، وفيه 128 حديثا. 202
17 باب 9 في جنة الدنيا ونارها، وفيه 18 حديثا. 282
18 باب 10 ما يلحق الرجل بعد موته من الأجر، وفيه خمسة أحاديث. 293
19 * أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 1 أشراط الساعة، وقصة يأجوج ومأجوج، وفيه 32 حديثا. 295
20 باب 2 نفخ الصور وفناء الدنيا وأن كل نفس تذوق الموت، وفيه 16 حديثا 316