الذين يلحقون بهم مشتملون على عدم الحزن، والاستبشار هنا إنما يقع بعدم خوف هؤلاء اللاحقين، ومعناه: لا خوف عليهم فيمن خلفوه من ذريتهم لان الله تعالى يتولاهم " ولا هم يحزنون " على ما خلفوا من أموالهم لان الله قد أجزل لهم ما عوضهم. وقيل:
معناه: لا خوف عليهم فيما يقدمون عليه لان الله تعالى محص ذنوبهم بالشهادة، ولا هم يحزنون على مفارقة الدنيا فرحا بالآخرة " ويستبشرون " يعني هؤلاء الذين قتلوا في سبيل " بنعمة من الله وفضل " الفضل والنعمة عبارتان يعبر بهما عن معنى واحد.
وقيل: النعمة: ما استحقوه بطاعتهم، والفضل: ما زادهم سبحانه من المضاعفة.
وقال رحمه الله في قوله تعالى: " يثبت الله الذين آمنوا " أي يثبتهم في كرامته وثوابه بقولهم الثابت الذي وجد منهم وهو كلمة الايمان، لأنه ثابت بالحجج والأدلة.
وقيل: معناه: يثبت الله المؤمنين بسبب كلمة التوحيد وحرمتها في الحياة الدنيا حتى لا يزلوا ولا يضلوا عن طريق الحق، ويثبتهم بها في الآخرة حتى لا يزلوا ولا يضلوا عن طريق الجنة. وقيل: معناه: يثبتهم بالتمكين في الأرض والنصرة والفتح في الدنيا، وبإسكانهم الجنة في الآخرة. وقال أكثر المفسرين أن المراد بقوله: " في الآخرة " في القبر والآية وردت في سؤال القبر، وهو قول ابن عباس وابن مسعود، وهو المروي عن أئمتنا عليهم السلام.
وقال رحمه الله في قوله تعالى: " حتى إذا جاء أحدهم الموت " يعني أن هؤلاء الكفار إذا أشرفوا على الموت سألوا الله تعالى عند ذلك الرجعة إلى دار التكليف، فيقول أحدهم:
" رب ارجعون " وفي معناه قولان: أحدهما أنهم استغاثوا أولا بالله ثم رجعوا إلى مسألة الملائكة فقال لهم: ارجعوني، أي ردوني إلى الدنيا: والآخر أنه على عادة العرب في تعظيم المخاطب " لعلي أعمل صالحا فيما تركت " أي في تركتي، أو في دنياي، فإنه ترك الدنيا وصار إلى الآخرة، أو فيما ضيعت وفرطت أي في صلاتي وصيامي وطاعاتي، ثم قال سبحانه في الجواب عن سؤالهم: " كلا " أي لا يرجع إلى الدنيا " إنها " أي مسألة الرجعة " كلمة هو قائلها " أي كلام يقوله ولا فائدة له في ذلك، أو كلمة