بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٦ - الصفحة ٢٠٧
فساده، وأنه مما يزيل الشكوك والشبهات عما ورد في كتاب الله من ثواب القبر وعقابه فوجب المصير إليه فهذا هو الانسان في توجيه هذا القول.
أقول: ثم قال الرازي في تفسير آية آل عمران بعد اختيار القول الأول فيها أيضا: يحتمل أن يكون الروح جسما مخصوصا ساريا في هذه الجثة سريان النار في الفحم، ويحتمل أن يكون جوهرا قائما بنفسه، ليس بجسم ولا حال في الجسم، وعلى كلا المذهبين فإنه لا يبعد أنه لما مات البدن انفصل ذلك الشئ حيا، وإن قلنا أماته الله إلا أنه تعالى يعيد الحياة إليه، وعلى هذا التقدير تزول الشبهات بالكلية عن ثواب القبر كما في هذه الآية، وعن عذابه كما في قوله تعالى: " أغرقوا فادخلوا نارا " فثبت أنه لا امتناع في ذلك، وظاهر الآية دالة عليه، فوجب المصير إليه، والذي يؤكد ما قلناه القرآن والحديث والعقل، أما القرآن فآيات: إحداها قوله تعالى:
" يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك " (1) الآية، ولا شك أن المرد بقوله: " ارجعي إلى ربك " بالموت، ثم قال: " فادخلي في عبادي " وفاء التعقيب يدل على أن حصول هذه الحالة يكون عقيب الموت. وثانيها قوله: " حتى إذا جاء أحدهم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون " (2) وهذا عبارة عن موت البدن، ثم قال: " ثم ردوا إلى الله موليهم الحق " (3) فقوله " ردوا " ضمير عنهم، وإنما هو هو بحياته وذاته المخصوصة، فدل على أن ذلك باق بعد موت البدن. وثالثها قوله: " فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم " (4) وفاء التعقيب يدل على أن قيامة كل أحد حاصلة بعد موته، وأما قيامته الكبرى فهي حاصلة في الوقت المعلوم عند الله.
وأيضا روي أنه صلى الله عليه وآله يوم بدر كان ينادي المقتولين ويقول: هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ فقيل: يا رسول الله إنهم أموات فكيف تناديهم؟ فقال صلى الله عليه وآله: إنهم أسمع منكم، وأيضا قال صلى الله عليه وآله: أنبياء الله لا يموتون بل ينقلون من دار إلى دار.
وأما المعقول فمن وجوه: الأول أن وقت النوم يضعف البدن وضعفه لا يقتضي

(١) الفجر: ٢٧ - ٢٨.
(٢) الانعام: ٦١.
(٣) الانعام: ٦٢.
(٤) الواقعة: ٨٨ - 89.
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (بقية أبواب العدل) * باب 19 عفو الله تعالى وغفرانه وسعة رحمته ونعمه على العباد، وفيه 17 حديثا. 1
3 باب 20 التوبة وأنواعها وشرائطها، وفيه 78 حديثا. 11
4 باب 21 نفي العبث وما يوجب النقص من الاستهزاء والسخرية والمكر والخديعة عنه تعالى، وتأويل الآيات فيها، وفيه حديثان. 49
5 باب 22 عقاب الكفار والفجار في الدنيا، وفيه تسعة أحاديث. 54
6 باب 23 علل الشرائع والأحكام، الفصل الأول: العلل التي رواها الفضل بن شاذان. 58
7 الفصل الثاني: ما ورد من ذلك برواية ابن سنان. 93
8 الفصل الثالث: في نوادر العلل ومتفرقاتها. 107
9 * أبواب الموت * باب 1 حكمة الموت وحقيقته، وما ينبغي أن يعبر عنه، وفيه خمسة أحاديث 116
10 باب 2 علامات الكبر، وأن ما بين الستين إلى السبعين معترك المنايا، وتفسير أرذل العمر، وفيه تسعة أحاديث. 118
11 باب 3 الطاعون والفرار منه، وفيه عشرة أحاديث. 120
12 باب 4 حب لقاء الله وذم الفرار من الموت، وفيه 46 حديثا. 124
13 باب 5 ملك الموت وأحواله وأعوانه وكيفية نزعه للروح، وفيه 18 حديثا 139
14 باب 6 سكرات الموت وشدائده، وما يلحق المؤمن والكافر عنده، وفيه 52 حديثا. 145
15 باب 7 ما يعاين المؤمن والكافر عند الموت وحضور الأئمة عليهم السلام عند ذلك وعند الدفن وعرض الأعمال عليهم صلوات الله عليهم، وفيه 56 حديثا 173
16 باب 8 أحوال البرزخ والقبر وعذابه وسؤاله وسائر ما يتعلق بذلك، وفيه 128 حديثا. 202
17 باب 9 في جنة الدنيا ونارها، وفيه 18 حديثا. 282
18 باب 10 ما يلحق الرجل بعد موته من الأجر، وفيه خمسة أحاديث. 293
19 * أبواب المعاد وما يتبعه ويتعلق به * باب 1 أشراط الساعة، وقصة يأجوج ومأجوج، وفيه 32 حديثا. 295
20 باب 2 نفخ الصور وفناء الدنيا وأن كل نفس تذوق الموت، وفيه 16 حديثا 316