فساده، وأنه مما يزيل الشكوك والشبهات عما ورد في كتاب الله من ثواب القبر وعقابه فوجب المصير إليه فهذا هو الانسان في توجيه هذا القول.
أقول: ثم قال الرازي في تفسير آية آل عمران بعد اختيار القول الأول فيها أيضا: يحتمل أن يكون الروح جسما مخصوصا ساريا في هذه الجثة سريان النار في الفحم، ويحتمل أن يكون جوهرا قائما بنفسه، ليس بجسم ولا حال في الجسم، وعلى كلا المذهبين فإنه لا يبعد أنه لما مات البدن انفصل ذلك الشئ حيا، وإن قلنا أماته الله إلا أنه تعالى يعيد الحياة إليه، وعلى هذا التقدير تزول الشبهات بالكلية عن ثواب القبر كما في هذه الآية، وعن عذابه كما في قوله تعالى: " أغرقوا فادخلوا نارا " فثبت أنه لا امتناع في ذلك، وظاهر الآية دالة عليه، فوجب المصير إليه، والذي يؤكد ما قلناه القرآن والحديث والعقل، أما القرآن فآيات: إحداها قوله تعالى:
" يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك " (1) الآية، ولا شك أن المرد بقوله: " ارجعي إلى ربك " بالموت، ثم قال: " فادخلي في عبادي " وفاء التعقيب يدل على أن حصول هذه الحالة يكون عقيب الموت. وثانيها قوله: " حتى إذا جاء أحدهم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون " (2) وهذا عبارة عن موت البدن، ثم قال: " ثم ردوا إلى الله موليهم الحق " (3) فقوله " ردوا " ضمير عنهم، وإنما هو هو بحياته وذاته المخصوصة، فدل على أن ذلك باق بعد موت البدن. وثالثها قوله: " فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم " (4) وفاء التعقيب يدل على أن قيامة كل أحد حاصلة بعد موته، وأما قيامته الكبرى فهي حاصلة في الوقت المعلوم عند الله.
وأيضا روي أنه صلى الله عليه وآله يوم بدر كان ينادي المقتولين ويقول: هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ فقيل: يا رسول الله إنهم أموات فكيف تناديهم؟ فقال صلى الله عليه وآله: إنهم أسمع منكم، وأيضا قال صلى الله عليه وآله: أنبياء الله لا يموتون بل ينقلون من دار إلى دار.
وأما المعقول فمن وجوه: الأول أن وقت النوم يضعف البدن وضعفه لا يقتضي