وقال الشيخ الطبرسي رحمه الله في تفسير تلك الآية: قول " عند ربهم " فيه وجهان أحدهما أنهم بحيث لا يملك أحد لهم نفعا ولا ضرا إلا ربهم، وليس المراد في ذلك قرب المسافة لأنه مستحيل عليه سبحانه، والآخر أنهم عند ربهم أحياء من حيث يعلمهم كذلك دون الناس.
وروي عن ابن عباس وابن مسعود وجابر أن النبي صلى الله عليه وآله قال: لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في حواصل طيور خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها.
وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال لجعفر بن أبي طالب - وقد استشهد في غزاة موتة -:
رأيته له جناحان يطير بهما مع الملائكة في الجنة. وأنكر بعضهم حديث الأرواح وقال:
إن الروح عرض لا يجوز أن يتنعم، وهذا لا يجوز، لان الروح جسم رقيق هوائي مأخوذ من الريح، ويدل على ذلك أنه يخرج من البدن ويرد عليه وهي الحساسة الفعالة، دون البدن، وليست من الحياة في شئ لان ضد الحياة الموت، وليس كذلك الروح وهذا قول علي بن عيسى. " يرزقون " من نعيم الجنة غدوا وعشيا. وقيل: يرزقون النعيم في قبورهم.
" فرحين بما آتيهم الله من فضله " أي مسرورين بما أعطاهم الله من ضروب نعمه في الجنة، وقيل: في قبورهم. وقيل: فرحين بما نالوا من الشهادة وجزائها " و يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم " أي يسرون بإخوانهم الذين فارقوهم وهم أحياء في الدنيا على مناهجهم من الايمان والجهاد، لعلمهم بأنهم إذا استشهدوا لحقوا بهم وصاروا من كرامة الله تعالى إلى مثل ما صاروا إليه، يقولون: إخواننا يقتلون كما قتلنا، فيصيبون من النعيم مثل ما أصبنا.
وقيل: إنه يؤتى الشهيد بكتاب فيه ذكر من تقدم عليه من إخوانه فيسر بذلك ويستبشر كما يستبشر أهل الغائب بقدومه في الدنيا. وقيل: معناه: لم يلحقوا بهم في الفضل إلا أن لهم فضلا عظيما بتصديقهم وإيمانهم " ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون " أي يستبشرون بأن لا خوف عليهم، وذلك لأنه بدل من قوله: " الذين لم يلحقوا بهم من خلفهم " لان