بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤ - الصفحة ٥٨
ثم اعلم أنه يرد على هذا الحل أن من لم يسلم امتناع الرؤية كيف بسلم كون الايمان المكتسب منافيا لها، وإن ادعى الضرورة في كون الرؤية مستلزمة لما اتفقوا على امتناعه فهو كاف في إثبات المطلوب، إلا أن يقال: إنما أورد هكذا بيانا لكثرة الفساد وإيضاحا للمراد، أو يقال: لعله عليه السلام كان بين للسائل امتناع الرؤية بالدلائل فلما ذكر السائل ما ترويه العامة في ذلك بين امتناع وقوع ما ثبت لنا بالبراهين امتناعه، وآمنا به بهذا الوجه الثاني: أن حاصل الدليل أن المعرفة من جهة الرؤية غير متوقفة علي الكسب و النظر، والمعرفة في دار الدنيا، متوقفة عليه ضعيفة بالنسبة إلى الأولى فتخالفتا مثل الحرارة القوية والحرارة الضعيفة، فإن كانت المعرفة من جهة الرؤية إيمانا لم تكن المعرفة من جهة الكسب إيمانا كاملا لان المعرفة من جهة الرؤية أكمل منها، وإن لم يكن إيمانا يلزم سلب الايمان عن الرأيين، لامتناع اجتماع المعرفتين في زمان واحد في قلب واحد يعني قيام تصديقين أحدهما أقوى من الآخر بذهن واحد، وأحدهما حاصل من جهة الرؤية، والآخر من جهة الدليل، كما يمتنع قيام حرارتين بماء واحد في زمان واحد، ويرد عليه النقض بكثير من المعارف التي تعرف في الدنيا بالدليل وتصير في الآخرة بالمعاينة ضرورية، ويمكن بيان الفرق بتكلف.
الثالث: ما حققه بعض الأفاضل بعد ما مهد من أن نور العلم والايمان يشتد حتى ينتهي إلى المشاهدة والعيان لكن العلم إذا صار عينا لم يصر عينا محسوسا، والمعرفة إذا انقلبت مشاهدة لم تنقلب مشاهدة بصرية حسية لان الحس والمحسوس نوع مضاد للعقل والمعقول ليس نسبة أحدهما إلى الآخر نسبة النقص إلى الكمال والضعف إلى الشدة، بل لكل منهما في حدود نوعه مراتب في الكمال والنقص لا يمكن لشئ من أفراد أحد النوعين المتضادين أن ينتهي في مراتب استكمالاته واشتداده إلي شئ من أفراد النوع الآخر فالابصار إذا اشتد لا يصير تخيلا مثلا، ولا التخيل إذا اشتد يصير تعقلا ولا بالعكس، نعم إذا اشتد التخيل تصير مشاهدة ورؤية بعين الخيال لا بعين الحس، و كثيرا ما يقع الغلط من صاحبه أنه رأى بعين الخيال أم بعين الحس الظاهر، كما يقع
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (أبواب تأويل الآيات والاخبار الموهمة لخلاف ما سبق) * باب 1 تأويل قوله تعالى: خلقت بيدي، وجنب الله، ووجه الله، ويوم يكشف عن ساق، وأمثالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 تأويل قوله تعالى: ونفخت فيه من روحي، وروح منه، وقوله صلى الله عليه وآله: خلق الله آدم على صورته، وفيه 14 حديثا. 11
4 باب 3 تأويل آية النور، وفيه سبعة أحاديث. 15
5 باب 4 معنى حجرة الله عز وجل، وفيه أربعة أحاديث. 24
6 باب 5 نفي الرؤية وتأويل الآيات فيها، وفيه 33 حديثا. 26
7 * (أبواب الصفات) * باب 1 نفي التركيب واختلاف المعاني والصفات، وأنه ليس محلا للحوادث والتغييرات، وتأويل الآيات فيها، والفرق بين صفات الذات وصفات الأفعال، وفيه 16 حديثا. 62
8 باب 2 العلم وكيفيته والآيات الواردة فيه، وفيه 44 حديثا. 74
9 باب 3 البداء والنسخ، وفيه 70 حديثا. 92
10 باب 4 القدرة والإرادة، وفيه 20 حديثا. 134
11 باب 5 أنه تعالى خالق كل شيء، وليس الموجد والمعدم إلا الله تعالى وأن ما سواه مخلوق، وفيه خمسة أحاديث. 147
12 باب 6 كلامه تعالى ومعنى قوله تعالى: قل لو كان البحر مدادا، وفيه أربعة أحاديث. 150
13 * أبواب أسمائه تعالى وحقائقها وصفاتها ومعانيها * باب 1 المغايرة بين الاسم والمعنى وأن المعبود هو المعنى والاسم حادث، وفيه ثمانية أحاديث. 153
14 باب 2 معاني الأسماء واشتقاقها وما يجوز إطلاقه عليه تعالى وما لا يجوز، وفيه 12 حديثا. 172
15 باب 3 عدد أسماء الله تعالى وفضل إحصائها وشرحها، وفيه ستة أحاديث. 184
16 باب 4 جوامع التوحيد، وفيه 45 حديثا. 212
17 باب 5 إبطال التناسخ، وفيه أربعة أحاديث. 320
18 باب 6 نادر، وفيه حديث. 322