بيان: اعلم أن المفسرين اختلفوا في تفسير تلك الآيات قوله تعالي: " ما كذب الفؤاد ما رأي " يحتمل كون ضمير الفاعل في رأي راجعا إلى النبي صلى الله عليه وآله، وإلي الفؤاد.
قال البيضاوي: ما كذب الفؤاد ما رأي ببصره من صورة جبرئيل، أو الله أي ما كذب الفؤاد بصره بما حكاه له، فإن الأمور القدسية تدرك أولا بالقلب، ثم ينتقل منه إلي البصر، أوما قال فؤاده لما رآه: لم أعرفك، ولو قال ذلك كان كاذبا لأنه عرفه بقلبه كما رآه بصره، أو ما رآه بقلبه، والمعنى لم يكن تخيلا كاذبا، ويدل عليه أنه سئل عليه السلام هل رأيت ربك؟ فقال: رأيته بفؤادي، وقرئ ما كذب أي صدقه ولم يشك فيه. " أفتمارونه على ما يرى " أفتجادلونه عليه من المراء وهو المجادلة. انتهى قوله تعالى: " ولقد رآه نزلة أخرى " قال الرازي: يحتمل الكلام وجوها ثلاثة: الأول الرب تعالى (1) والثاني جبرئيل عليه السلام، والثالث الآيات العجيبة الإلهية. انتهى. أي ولقد رآه نازلا نزلة أخرى فيحتمل نزوله صلى الله عليه وآله ونزول مرئية.
فإذا عرفت محتملات تلك الآيات عرفت سخافة استدلالهم بها على جواز الرؤية ووقوعها بوجوه: الأول أنه يحتمل أن يكون المرئي جبرئيل، إذا المرئي غير مذكور في اللفظ، وقد أشار أمير المؤمنين عليه السلام إلي هذا الوجه في الخبر السابق. وروى مسلم في صحيحه بإسناده عن زرعة، (2) عن عبد الله " ما كذب الفؤاد ما رأى " قال: رأي جبرئيل عليه السلام له ستمائة جناح. وروى أيضا بإسناده عن أبي هريرة " ولقد رآه نزلة أخرى " قال: