بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤ - الصفحة ٣٧
بيان: اعلم أن المفسرين اختلفوا في تفسير تلك الآيات قوله تعالي: " ما كذب الفؤاد ما رأي " يحتمل كون ضمير الفاعل في رأي راجعا إلى النبي صلى الله عليه وآله، وإلي الفؤاد.
قال البيضاوي: ما كذب الفؤاد ما رأي ببصره من صورة جبرئيل، أو الله أي ما كذب الفؤاد بصره بما حكاه له، فإن الأمور القدسية تدرك أولا بالقلب، ثم ينتقل منه إلي البصر، أوما قال فؤاده لما رآه: لم أعرفك، ولو قال ذلك كان كاذبا لأنه عرفه بقلبه كما رآه بصره، أو ما رآه بقلبه، والمعنى لم يكن تخيلا كاذبا، ويدل عليه أنه سئل عليه السلام هل رأيت ربك؟ فقال: رأيته بفؤادي، وقرئ ما كذب أي صدقه ولم يشك فيه. " أفتمارونه على ما يرى " أفتجادلونه عليه من المراء وهو المجادلة. انتهى قوله تعالى: " ولقد رآه نزلة أخرى " قال الرازي: يحتمل الكلام وجوها ثلاثة: الأول الرب تعالى (1) والثاني جبرئيل عليه السلام، والثالث الآيات العجيبة الإلهية. انتهى. أي ولقد رآه نازلا نزلة أخرى فيحتمل نزوله صلى الله عليه وآله ونزول مرئية.
فإذا عرفت محتملات تلك الآيات عرفت سخافة استدلالهم بها على جواز الرؤية ووقوعها بوجوه: الأول أنه يحتمل أن يكون المرئي جبرئيل، إذا المرئي غير مذكور في اللفظ، وقد أشار أمير المؤمنين عليه السلام إلي هذا الوجه في الخبر السابق. وروى مسلم في صحيحه بإسناده عن زرعة، (2) عن عبد الله " ما كذب الفؤاد ما رأى " قال: رأي جبرئيل عليه السلام له ستمائة جناح. وروى أيضا بإسناده عن أبي هريرة " ولقد رآه نزلة أخرى " قال:

(1) قال البغوي في معالم التنزيل: هو قول انس والحسن وعكرمة، قالوا: رأى محمد ربه، وروى عكرمة عن ابن عباس قال: إن الله اصطفى إبراهيم بالخلة، واصطفى موسى بالكلام، واصطفى محمدا صلى الله عليه وآله بالرؤية، ونسب القول الثاني إلى ابن مسعود وعائشة وروى بطريقه عن مسروق قيل: قلت لعائشة: يا أماه هل رأى محمد صلى الله ربه؟ فقالت: لقد تكلمت بشئ وقف له شعري مما قلت، أين أنت من ثلاث من حدثكهن فقد كاذب: من حدثك أن محمد رأى ربه فقد كذب ثم قرأت: لا تدركه الابصار وهو اللطيف الخبير وما كان لبشر أن يكلمه الله وحيا أو من وراء حجاب " إلى أن قالت: ولكنه رأي جبرئيل في صورته مرتين أقول أخرجه البخاري في صحيحه ص 175 والمسلم في ج 1 ص 110 من صحيحه ونسب القول الثاني الشيخ في التبيان إلى مجاهد والربيع أيضا.
(2) الصحيح كما في نسخة: عن زر " أي ابن جيش " عن عبد الله. أخرجه المسلم في ج 1 ص 109 وكذا حديث أبي هريرة.
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (أبواب تأويل الآيات والاخبار الموهمة لخلاف ما سبق) * باب 1 تأويل قوله تعالى: خلقت بيدي، وجنب الله، ووجه الله، ويوم يكشف عن ساق، وأمثالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 تأويل قوله تعالى: ونفخت فيه من روحي، وروح منه، وقوله صلى الله عليه وآله: خلق الله آدم على صورته، وفيه 14 حديثا. 11
4 باب 3 تأويل آية النور، وفيه سبعة أحاديث. 15
5 باب 4 معنى حجرة الله عز وجل، وفيه أربعة أحاديث. 24
6 باب 5 نفي الرؤية وتأويل الآيات فيها، وفيه 33 حديثا. 26
7 * (أبواب الصفات) * باب 1 نفي التركيب واختلاف المعاني والصفات، وأنه ليس محلا للحوادث والتغييرات، وتأويل الآيات فيها، والفرق بين صفات الذات وصفات الأفعال، وفيه 16 حديثا. 62
8 باب 2 العلم وكيفيته والآيات الواردة فيه، وفيه 44 حديثا. 74
9 باب 3 البداء والنسخ، وفيه 70 حديثا. 92
10 باب 4 القدرة والإرادة، وفيه 20 حديثا. 134
11 باب 5 أنه تعالى خالق كل شيء، وليس الموجد والمعدم إلا الله تعالى وأن ما سواه مخلوق، وفيه خمسة أحاديث. 147
12 باب 6 كلامه تعالى ومعنى قوله تعالى: قل لو كان البحر مدادا، وفيه أربعة أحاديث. 150
13 * أبواب أسمائه تعالى وحقائقها وصفاتها ومعانيها * باب 1 المغايرة بين الاسم والمعنى وأن المعبود هو المعنى والاسم حادث، وفيه ثمانية أحاديث. 153
14 باب 2 معاني الأسماء واشتقاقها وما يجوز إطلاقه عليه تعالى وما لا يجوز، وفيه 12 حديثا. 172
15 باب 3 عدد أسماء الله تعالى وفضل إحصائها وشرحها، وفيه ستة أحاديث. 184
16 باب 4 جوامع التوحيد، وفيه 45 حديثا. 212
17 باب 5 إبطال التناسخ، وفيه أربعة أحاديث. 320
18 باب 6 نادر، وفيه حديث. 322