فعند ذلك أثيبوا بدخول الجنة والنظر إلي ما وعدهم الله عز وجل، فذلك قوله: " إلى ربها ناظرة " والناظرة في بعض اللغة هي المنتظرة، ألم تسمع إلى قوله تعالى: " فناظرة بم يرجع المرسلون " أي منتظرة بم يرجع المرسلون وأما قوله: " ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى " يعني محمدا صلى الله عليه وآله حين كان عند سدرة المنتهى، حيث لا يجاوزها خلق من خلق الله عز وجل. وقوله في آخر الآية:
" ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى " رأي جبرئيل عليه السلام في صورته مرتين: هذه المرة ومرة أخرى، وذلك أن خلق جبرئيل عظيم فهو من الروحانيين الذين لا يدرك خلقهم وصورتهم (1) إلا رب العالمين. الخبر.
بيان: الوعث والوعثاء: المشقة. قوله صلوات الله عليه: والنظر إلى ما وعدهم الله يحتمل أن يكون المراد بالنظر الانتظار، فيكون قوله: والناظرة في بعض اللغة تتمة وتأييدا للتوجيه الأول، والأظهر أنه عليه السلام أشار إلي تأويلين: الأول تقدير مصاف في الكلام أي ناظرة إلي ثواب ربها فيكون النظر بمعنى الابصار. والثاني أن يكون النظر بمعنى الانتظار، ويؤيده ما في التوحيد في تتمة التوجيه الأول: فذلك قوله: " إلى ربها ناظرة " وإنما يعني بالنظر إليه النظر إلى ثوابه تبارك وتعالى، وأرجع عليه السلام الضمير في قوله تعالى: " ولقد رآه نزلة أخرى " إلى جبرئيل عليه السلام سيأتي القول فيه.
10 - الإحتجاج: يونس بن ظبيان قال: دخل رجل على أبي عبد الله عليه السلام قال: أرأيت الله حين عبدته؟ قال له: ما كنت أعبد شيئا لم أره. قال: وكيف رأيته؟ قال: لم تره الابصار بمشاهدة العيان ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان، لا يدرك بالحواس، ولا يقاس بالناس، معروف بغير تشبيه 11 - الإحتجاج: عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: " لا تدركه الابصار " قال: إحاطة الوهم، ألا ترى إلى قوله: " قد جائكم بصائر من ربكم " ليس يعني بصر العيون " فمن أبصر فلنفسه " ليس يعني من البصر بعينه " ومن عمي فعليها " ليس يعني عمى العيون، إنما عني إحاطة الوهم، كما يقال: فلان بصير بالشعر، وفلان بصير بالفقه،