بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤ - الصفحة ٣٥
وظاهره كون الرؤية بخروج الشعاع، وإن أمكن أن يكون كناية عن تحقق الابصار بذلك وتوقفه عليه، فإذا لم يكن بينهما هواء وانقطع الهواء وعدم الضياء الذي هو أيضا من شرائط الرؤية عن الرائي والمرئي لم تصح الرؤية بالبصر، وكان في ذلك أي في كون الهواء بين الرائي والمرئي الاشتباه يعني شبه كل منهما بالآخر يقال: اشتبها: إذا أشبه كل منها الآخر لان الرائي متى ساوى المرئي وماثله في النسبة إلى السبب الذي أوجب بينهما في الرؤية وجب الاشتباه، ومشابهة أحدهما الآخر في توسط الهواء بينهما، وكان في ذلك التشبيه أي كون الرائي والمرئي في طرفي الهواء الواقع بينهما يستلزم الحكم بمشابهة المرئي بالرائي من الوقوع في جهة ليصح كون الهواء بينهما فيكون متحيزا ذا صورة وضعية فإن كون الشئ في طرف مخصوص من طرفي الهواء وتوسط الهواء بينه وبين شئ آخر سبب عقلي للحكم بكونه في جهة ومتحيزا وذا وضع، وهو المراد بقوله:
لان الأسباب لابد من اتصالها بالمسببات، ويحتمل أن يكون ذلك تعليلا لجميع ما ذكر من كون الرؤية متوقفة على الهواء إلى آخر ما ذكر وحاصله يرجع إلي ما ادعاه جماعة من أهل الحق من العلم الضروري بأن الادراك المخصوص المعلوم بالوجه الممتاز عن غيره لا يمكن أن يتعلق بما ليس في جهة وإلا لم يكن للبصر مدخل فيه، ولاكسب لرؤيته بل المدخل في ذلك للعقل فلاوجه حينئذ لتسميته إبصارا، والحاصل أن الابصار بهذه الحاسة يستحيل أن يتعلق بما ليس في جهة بديهة، وإلا لم يكن لها مدخل فيه، وهم قد جو زوا الادراك بهذه الجارحة الحساسة، وأيضا هذا النوع من الادراك يستحيل ضرورة أن يتعلق بما ليس في جهة، مع قطع النظر عن أن تعلق هذه الحاسة يستدعي الجهة والمقابلة. وما ذكره الفخر الرازي من أن الضروري لا يصير محلا للخلاف، وأن الحكم المذكور مما يقتضيه الوهم ويعين عليه، وهو ليس مأمونا لظهور خطائه في الحكم بتجسم الباري تعالى وتحيزه، وما ظهر خطؤه مرة فلا يؤمن بل يتهم ففاسد لان خلاف بعض العقلاء في الضروريات جائز كالسوفسطائية والمعتزلة في قولهم بانفكاك الشيئية والوجود وثبوت الحال، وأما قوله: بأنه حكم الوهم الغير المأمون فطريف جدا لأنه منقوض بجميع أحكام العقل، لأنه أيضا مما ظهر خطؤه مرارا، وجميع
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (أبواب تأويل الآيات والاخبار الموهمة لخلاف ما سبق) * باب 1 تأويل قوله تعالى: خلقت بيدي، وجنب الله، ووجه الله، ويوم يكشف عن ساق، وأمثالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 تأويل قوله تعالى: ونفخت فيه من روحي، وروح منه، وقوله صلى الله عليه وآله: خلق الله آدم على صورته، وفيه 14 حديثا. 11
4 باب 3 تأويل آية النور، وفيه سبعة أحاديث. 15
5 باب 4 معنى حجرة الله عز وجل، وفيه أربعة أحاديث. 24
6 باب 5 نفي الرؤية وتأويل الآيات فيها، وفيه 33 حديثا. 26
7 * (أبواب الصفات) * باب 1 نفي التركيب واختلاف المعاني والصفات، وأنه ليس محلا للحوادث والتغييرات، وتأويل الآيات فيها، والفرق بين صفات الذات وصفات الأفعال، وفيه 16 حديثا. 62
8 باب 2 العلم وكيفيته والآيات الواردة فيه، وفيه 44 حديثا. 74
9 باب 3 البداء والنسخ، وفيه 70 حديثا. 92
10 باب 4 القدرة والإرادة، وفيه 20 حديثا. 134
11 باب 5 أنه تعالى خالق كل شيء، وليس الموجد والمعدم إلا الله تعالى وأن ما سواه مخلوق، وفيه خمسة أحاديث. 147
12 باب 6 كلامه تعالى ومعنى قوله تعالى: قل لو كان البحر مدادا، وفيه أربعة أحاديث. 150
13 * أبواب أسمائه تعالى وحقائقها وصفاتها ومعانيها * باب 1 المغايرة بين الاسم والمعنى وأن المعبود هو المعنى والاسم حادث، وفيه ثمانية أحاديث. 153
14 باب 2 معاني الأسماء واشتقاقها وما يجوز إطلاقه عليه تعالى وما لا يجوز، وفيه 12 حديثا. 172
15 باب 3 عدد أسماء الله تعالى وفضل إحصائها وشرحها، وفيه ستة أحاديث. 184
16 باب 4 جوامع التوحيد، وفيه 45 حديثا. 212
17 باب 5 إبطال التناسخ، وفيه أربعة أحاديث. 320
18 باب 6 نادر، وفيه حديث. 322