الهندسيات والحسابيات، وأيضا مدخلية الوهم في الحكم المذكور ممنوع، وإنما هو عقلي صرف عندنا، وكذلك ليس كون الباري تعالى متحيزا مما يحكم به ويجزم بل هو تخيل يجري مجرى سائر الأكاذيب في أن الوهم وإن صوره وخيله إلينا لكن العقل لا يكاد يجوزه بل يحيله ويجزم ببطلانه، وكون ظهور الخطأ مرة سببا لعدم إيتمان المخطي واتهامه ممنوع أيضا، وإلا قدح في الحسيات وسائر الضروريات. وقد تقرر بطلانه في موضعه في رد شبه القادحين في الضروريات 14 - التوحيد: الدقاق، عن الكليني، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى قال: سألني أبو قرة المحدث أن أدخله إلي أبى الحسن الرضا عليه السلام فاستأذنته في ذلك فأذن لي فدخل عليه، فسأله عن الحلال والحرام والأحكام حتى بلغ سؤاله التوحيد، فقال أبو قرة: إنا روينا أن الله عز وجل قسم الرؤية والكلام بين اثنين، فقسم لموسى عليه السلام الكلام ولمحمد صلى الله عليه وآله الرؤية، فقال أبو الحسن عليه السلام: فمن المبلغ عن الله عز وجل إلى الثقلين الجن والإنس: لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار، ولا يحيطون به علما، وليس كمثله شئ أليس محمد صلى الله عليه وآله؟ قال: بلى، قال: فكيف يجيئ رجل إلي الخلق جميعا فيخبرهم أنه جاء من عند الله وأنه يدعوهم إلى الله بأمر الله ويقول:
لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار، ولا يحيطون به علما، وليس كمثله شئ، ثم يقول: أنا رأيته بعيني، وأحطت به علما، وهو على صورة البشر! أما يستحيون؟ ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا أن يكون يأتي عن الله بشئ، ثم يأتي بخلافه من وجه آخر. قال أبو قرة: فإنه يقول: " ولقد رآه نزلة أخرى " فقال أبو الحسن عليه السلام: إن بعد هذه الآية ما يدل على ما رأى حيث قال: " ما كذب الفؤاد ما رأي " يقول: ما كذب فؤاد محمد صلى الله عليه وآله ما رأت عيناه، ثم أخبر بما رأى فقال: " لقد رأي من آيات ربه الكبرى " فآيات الله غير الله، وقد قال: ولا يحيطون به علما، فإذا رأته الابصار فقد أحاطت به العلم، ووقعت المعرفة. فقال أبو قرة فتكذب الروايات؟ فقال أبو الحسن عليه السلام: إذا كانت الروايات مخالفه للقرآن كذبت بها، وما أجمع المسلمون عليه (1) أنه لا يحيط به علم ولا تدركه الابصار وليس كمثله شئ.