بكل شئ أي المرضع الذي ينظر فيه (1) أعلى من كل شئ، إذ الاعلي ينظر إلى الأسفل غالبا بسهولة.
قوله: فأحب الاختصاص بالتوحيد أي بكونه موحدا أي لا يوحده ولا يعرفه غيره كما هو، إذ هو محتجب عنهم، أو أحب أن يوحدوه فقط دون غيره، إذ لو كان ظاهرا للعقول والحواس كان مشاركا للممكنات في الوحدة الاعتبارية فلا تكون الوحدة الصادقة عليه مختصة به، وعلى هذا فالمحبة مؤولة باقتضاء ذاته تعالى من حيث كماله ذلك، وكذا على الأول، إلا أن يقال: إن المراد أنه حجب عنهم أولا ما يمكنهم من معرفته ثم أفاض معرفته عليهم بتوسط الأنبياء والرسل، وبما يحصل لهم من القربات بالطاعات ليعلموا أن ليس توحيدهم له إلا بتوفيقه وهدايته تعالى، ويؤيده ما بعده لا سيما قوله: وليعقل العباد.
20 - التوحيد: ابن الوليد عن محمد العطار، وأحمد بن إدريس، عن الأشعري، عن بعض أصحابه رفعه قال: جاء رجل إلى الحسن بن علي عليهما السلام فقال له: يا بن رسول الله صف لي ربك حتى كأني أنظر إليه، فأطرق الحسن بن علي عليه السلام مليا ثم رفع رأسه فقال:
الحمد لله الذي لم يكن له أول معلوم، ولا آخر متناه، ولا قبل مدرك، ولا بعد محدود، ولا أمد بحتى، ولا شخص فيتجزأ، ولا اختلاف صفة فيتناهى، فلا تدرك العقول وأوهامها ولا الفكر وخطراتها ولا الألباب وأذهانها صفته فيقول: متى؟، ولابدئ مما، ولا ظاهر على ما، ولا باطن فيما، ولا تارك فهلا، خلق الخلق فكان بديئا بديعا، ابتدء ما ابتدع، وابتدع ما ابتدء وفعل ما أراد، وأراد ما استزاد، ذلكم الله رب العالمين (2) بيان: قوله: معلوم هذه الصفة والصفات التي بعدها موضحات مؤكدات، إذ لو كان له أول لكان معلوما، وهكذا. قوله عليه السلام: فيتناهي أي اختلاف الصفات ينافي الأزلية والأبدية كما مر مرارا قوله عليه السلام: فتقول متى أي لو كانت العقول تبلغ صفته لكان كسائر الممكنات فكان يصح أن يقال: متى وجد؟ ومن أي شئ بدئ؟ على