بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤ - الصفحة ٢٩٢
البحار، وما في لحاء الأشجار والمفاوز والقفار، وإفهام بعضها عن بعض منطقها، وما تفهم به أولادها عنها، ونقلها الغذاء إليها، ثم تأليف ألوانها حمزة مع صفرة، وبياضا مع حمرة علمنا أن خالق هذا الخلق لطيف، وأن كل صانع شئ فمن شئ صنع، والله الخالق اللطيف الجليل خلق وصنع لامن شئ قلت: جعلت فداك وغير الخالق الجليل خالق؟ قال: إن الله تبارك وتعالى يقول:
" تبارك الله أحسن الخالقين " فقد أخبر أن في عباده خالقين وغير خالقين، منهم عيسى خلق من الطين كهيئة الطير بإذن الله فنفخ فيه فصار طائرا بإذن الله، والسامري خلق لهم عجلا جسدا له خوار.
قلت: إن عيسى خلق من الطين طيرا دليلا على نبوته، والسامري خلق عجلا جسدا لنقض نبوة موسى وشاء الله أن يكون ذلك كذلك؟ إن هذا لهو العجب، فقال:
ويحك يا فتح إن الله إرادتين ومشيتين: إرادة حتم، وإرادة عزم، ينهى وهو يشاء، ويأمر وهو لا يشاء، أو ما رأيت أنه نهي آدم وزوجته عن أن يأكلا من الشجرة وهو شاء ذلك؟
ولو لم يشأ لم يأكلا، ولو أكلا لغلبت مشيتهما مشية الله، (1) وأمر إبراهيم بذبح ابنه إسماعيل وشاء أن لا يذبحه ولو لم يشأ أن لا يذبحه لغلبت مشية إبراهيم مشية الله عز وجل.
قلت: فرجت عني فرج الله عنك غير أنك قلت: السميع البصير، سميع باذن، وبصير بالعين؟ فقال: إنه يسمع بما يبصر، ويرى بما يسمع، بصير لا بعين مثل عين المخلوقين، وسميع لا بمثل سمع السامعين، لكن لما لا تخفى عليه خافية (2) من أثر الذرة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء تحت الثرى والبحار، قلنا: بصير لا بمثل عين المخلوقين، وسميع بما لم تشتبه عليه ضروب اللغات، (3) ولم يشغله سمع عن سمع، قلنا: سميع لا بمثل السامعين.
قلت: جعلت فداك قد بقيت مسألة. قال: هات لله أبوك. قلت: يعلم القديم الشئ الذي لم يكن أن لو كان كيف كان يكون؟ قال: ويحك إن مسائلك لصعبة، أما سمعت

(1) وفي نسخة: ولو لم يشأ أن يأكلا لغلبت مشيتهما مشية الله.
(2) في التوحيد المطبوع: لكن لما لم يخف عليه خافية.
(3) في التوحيد المطبوع: ولما لم يشتبه عليه ضروب اللغات إه‍.
(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (أبواب تأويل الآيات والاخبار الموهمة لخلاف ما سبق) * باب 1 تأويل قوله تعالى: خلقت بيدي، وجنب الله، ووجه الله، ويوم يكشف عن ساق، وأمثالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 تأويل قوله تعالى: ونفخت فيه من روحي، وروح منه، وقوله صلى الله عليه وآله: خلق الله آدم على صورته، وفيه 14 حديثا. 11
4 باب 3 تأويل آية النور، وفيه سبعة أحاديث. 15
5 باب 4 معنى حجرة الله عز وجل، وفيه أربعة أحاديث. 24
6 باب 5 نفي الرؤية وتأويل الآيات فيها، وفيه 33 حديثا. 26
7 * (أبواب الصفات) * باب 1 نفي التركيب واختلاف المعاني والصفات، وأنه ليس محلا للحوادث والتغييرات، وتأويل الآيات فيها، والفرق بين صفات الذات وصفات الأفعال، وفيه 16 حديثا. 62
8 باب 2 العلم وكيفيته والآيات الواردة فيه، وفيه 44 حديثا. 74
9 باب 3 البداء والنسخ، وفيه 70 حديثا. 92
10 باب 4 القدرة والإرادة، وفيه 20 حديثا. 134
11 باب 5 أنه تعالى خالق كل شيء، وليس الموجد والمعدم إلا الله تعالى وأن ما سواه مخلوق، وفيه خمسة أحاديث. 147
12 باب 6 كلامه تعالى ومعنى قوله تعالى: قل لو كان البحر مدادا، وفيه أربعة أحاديث. 150
13 * أبواب أسمائه تعالى وحقائقها وصفاتها ومعانيها * باب 1 المغايرة بين الاسم والمعنى وأن المعبود هو المعنى والاسم حادث، وفيه ثمانية أحاديث. 153
14 باب 2 معاني الأسماء واشتقاقها وما يجوز إطلاقه عليه تعالى وما لا يجوز، وفيه 12 حديثا. 172
15 باب 3 عدد أسماء الله تعالى وفضل إحصائها وشرحها، وفيه ستة أحاديث. 184
16 باب 4 جوامع التوحيد، وفيه 45 حديثا. 212
17 باب 5 إبطال التناسخ، وفيه أربعة أحاديث. 320
18 باب 6 نادر، وفيه حديث. 322