عمارة بن زيد (1) قال: حدثني عبيد الله بن العلا، قال: حدثني صالح بن سبيع، عن عمرو بن محمد بن صعصعة بن صوحان قال: حدثني أبي، عن أبي المعتمر مسلم بن أوس قال: حضرت مجلس علي عليه السلام في جامع الكوفة فقام إليه رجل مصفر اللون كأنه من متهودة اليمن فقال: يا أمير المؤمنين صف لنا خالقك وانعته لنا كأنا نراه وننظر إليه، فسبح علي عليه السلام ربه وعظمه عز وجل، وقال: الحمد لله الذي هو أول لابدئ مما، ولا باطن فيما، ولا يزال مهما، ولا ممازج مع ما، ولا خيال وهما، ليس بشبح فيرى، ولا بجسم فيتجزأ، ولا بذي غاية فيتناهى، ولا بمحدث فيبصر، ولا بمستتر فيكشف، ولا بذي حجب فيحوى، كان ولا أماكن تحمله أكنافها، ولا حملة ترفعه بقوتها، (2) ولا كان بعد أن لم يكن، بل حارت الأوهام أن يكيف المكيف للأشياء، ومن لم يزل بلا مكان ولا يزول باختلاف الأزمان، ولا ينقلب شأنا بعد شأن، البعيد من حدس القلوب، المتعالي عن الأشباه والضروب، الوتر علام الغيوب، فمعاني الخلق عنه منفية، وسرائرهم عليه غير خفية، المعروف بغير كيفية، لا يدرك بالحواس، ولا يقاس بالناس، ولا تدركه الابصار، ولا تحيطه الأفكار، (3) ولا تقدره العقول، ولا تقع عليه الأوهام، فكلما قدره عقل أو عرف له مثل فهو محدود، وكيف يوصف بالأشباح وينعت بالألسن الفصاح من لم يحلل في الأشياء فيقال: هو فيها كائن، ولم ينأ عنها فيقال: هو عنها بائن،
(٢٩٤)