من الأعضاء والجوارح والقوى وسائر الآلات دليل على أنه ليس فيه شئ منها، لشهادة الأدوات فيما يشاهد في المادين بفاقتهم واحتياجهم إليها وهو منزه عن الاحتياج، أو المعنى أن الأدوات التي هي أجزاء للمادين تشهد بفاقتهم إلى موجد، لكون كل ذي جزء محتاجا ممكنا فكيف تكون فيه تعالى.
قوله: فأسماؤه تعبير أي ليست عين ذاته وصفاته، بل هي معبرات عنها، وأفعاله تفهيم ليعرفوه ويستدلوا بها على وجوده وعلمه وقدرته وحكمته ورحمته قوله عليه السلام:
وذاته حقيقة أي حقيقة مكنونة عالية لا تصل إليها عقول الخلق بأن يكون التنوين للتعظيم والتبهيم، أو خليقة بأن تتصف بالكمالات دون غيرها، أو ثابتة واجبة لا يعتريها التغير والزوال فإن الحقيقة ترد بتلك المعاني كلها. وفى بعض نسخ التوحيد: حقاقة أي مثبتة موجدة لسائر الحقائق.
قوله عليه السلام: وكنهه تفريق بينه وبين خلقه لعل الغرض بيان أنه لا يشترك في ذاتي مع الممكنات بأبلغ وجه أي كنهه يفرق بينه وبينهم لعدم اشتراكه معهم في شئ، ويحتمل أن يكون المعنى أن غاية توحيد الموحدين ومعرفتهم نفي الصفات الممكنات عنه، والحاصل عدم إمكان معرفة كنهه، بل إنما يعرف بالوجوه التي ترجع إلى نفي النقائص عنه كما مر تحقيقه، ويؤيد الأول قوله عليه السلام: وغيوره تحديد لما سواه، فالغيور إما مصدر أو جمع غير أي كونه مغائرا له تحديد لما سواه فكل ما سواه مغائر له في الكنه، ويحتمل أن يكون المراد بالمغايرة: المباينة بحيث لا يكون من توابعه أصلا لا جزءا له ولا صفة أي كل ما هو غير ذاته فهو سواه فليس جزءا له ولا صفة. (1) قوله عليه السلام: من استوصفه أي من طلب وصف كنهه، أو سأل عن الأوصاف والكيفيات الجسمانية له فقد جهل عظمته وتنزهه.
قوله عليه السلام: وقد تعداه أي تجاوزه ولم يعرفه من اشتمله أي توهمه شاملا لنفسه محيطا به من قولهم: اشتمل الثوب: إذا تلفف به فيكون ردا على القائلين بالحلول