بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤ - الصفحة ٢٣٣
قوله عليه السلام: كل معروف بنفسه مصنوع أي كل ما يعلم وجوده ضرورة بالحواس من غير أن يستدل عليه بالآثار فهو مصنوع، أو كل ما هو معلوم بكنه الحقيقة إما بالحواس أو الأوهام أو العقول فهو مصنوع مخلوق إما لما ذكر أن كنه الشئ إنما يعلم من جهة أجزائه، وكل ذي جزء فهو مركب ممكن، أو لما مر من أن الصورة العقلية تكون فردا لتلك الحقيقة فيلزم التعدد وهو يستلزم التركب. ويحتمل أن يكون المعنى أن الأشياء إنما تعلم بصورها الذهنية، والمعروف بنفسه هو نفس تلك الصورة وهو حال في محل حادث ممكن محتاج فكيف يكون كنه حقيقة الباري تعالى شأنه فيكون قوله عليه السلام:
وكل قائم في سواه معلول كالدليل عليها، وعلى الأولين يكون نفيا لحلوله تعالى في الأشياء وقيامه بها، ويؤيد المعنى الأول قوله عليه السلام: بصنع الله يستدل عليه.
قوله عليه السلام: بالفطرة تثبت حجته أي بأن فطرهم وخلقهم خلقة قابلة للتصديق والاذعان والمعرفة والاستدلال، أو بتعريفهم في الميثاق وفطرهم على ذلك التعريف، وقد مر بيانه في باب الدين الحنيف. ويحتمل أن يكون المراد هنا أن حجته تمام على الخلق بما فطر وابتدع من خلقه. قوله: خلقة الله الخلق أي كونه خالقا وأن الخالق لا يكون بصفة المخلوق ويكون مبائنا له في الصفات صار سببا لاحتجابه عن الخلق فلا يدركونه بحواسهم ولا عقولهم، والحاصل أن كماله ونقص مخلوقيه حجاب بينه و بينهم.
قوله عليه السلام: ومباينته إياهم أي مباينته تعالى إياهم ليس بحسب المكان حتى يكون في مكان وغيره في مكان آخر بل إنما هي بأن فارق أينيتهم فليس له أين ومكان، وهم محبوسون في مطمورة المكان، (1) أو المعني أن مباينته لمخلوقيه في الصفات صار سببا لان ليس له مكان.
قوله عليه السلام: وأدوه إياهم (2) أي جعلهم ذوي أدوات يحتاجون إليها في الاعمال

(1) المطمورة: الحفيرة التي تحت الأرض تخبا فيها الحبوب ونحوها. الحبس.
(2) وفي نسخة من التوحيد والعيون: وإدواؤه إياهم. أي إعطاؤه تعالى إياهم الأدوات يدل على أن لا أدات له، وإلا يلزم الاحتياج إليها وإلى من يعطيها، مضافا إلى لزوم التسلسل.
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * (أبواب تأويل الآيات والاخبار الموهمة لخلاف ما سبق) * باب 1 تأويل قوله تعالى: خلقت بيدي، وجنب الله، ووجه الله، ويوم يكشف عن ساق، وأمثالها، وفيه 20 حديثا. 1
3 باب 2 تأويل قوله تعالى: ونفخت فيه من روحي، وروح منه، وقوله صلى الله عليه وآله: خلق الله آدم على صورته، وفيه 14 حديثا. 11
4 باب 3 تأويل آية النور، وفيه سبعة أحاديث. 15
5 باب 4 معنى حجرة الله عز وجل، وفيه أربعة أحاديث. 24
6 باب 5 نفي الرؤية وتأويل الآيات فيها، وفيه 33 حديثا. 26
7 * (أبواب الصفات) * باب 1 نفي التركيب واختلاف المعاني والصفات، وأنه ليس محلا للحوادث والتغييرات، وتأويل الآيات فيها، والفرق بين صفات الذات وصفات الأفعال، وفيه 16 حديثا. 62
8 باب 2 العلم وكيفيته والآيات الواردة فيه، وفيه 44 حديثا. 74
9 باب 3 البداء والنسخ، وفيه 70 حديثا. 92
10 باب 4 القدرة والإرادة، وفيه 20 حديثا. 134
11 باب 5 أنه تعالى خالق كل شيء، وليس الموجد والمعدم إلا الله تعالى وأن ما سواه مخلوق، وفيه خمسة أحاديث. 147
12 باب 6 كلامه تعالى ومعنى قوله تعالى: قل لو كان البحر مدادا، وفيه أربعة أحاديث. 150
13 * أبواب أسمائه تعالى وحقائقها وصفاتها ومعانيها * باب 1 المغايرة بين الاسم والمعنى وأن المعبود هو المعنى والاسم حادث، وفيه ثمانية أحاديث. 153
14 باب 2 معاني الأسماء واشتقاقها وما يجوز إطلاقه عليه تعالى وما لا يجوز، وفيه 12 حديثا. 172
15 باب 3 عدد أسماء الله تعالى وفضل إحصائها وشرحها، وفيه ستة أحاديث. 184
16 باب 4 جوامع التوحيد، وفيه 45 حديثا. 212
17 باب 5 إبطال التناسخ، وفيه أربعة أحاديث. 320
18 باب 6 نادر، وفيه حديث. 322